Rss Feed

  1. مكية آياتها ثلاث وخمسون
     
    (بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم حم عسق) هو حروف من اسم الله الاعظم المقطوع يؤلفه رسول الله صلى الله عليه وآله او الامام (ع) فيكون الاسم الاعظم الذي إذا دعا الله به اجاب ثم قال: (كذلك يوحي اليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم) حدثنا احمد بن علي واحمد بن إدريس قالا: حدثنا محمد بن
     
    [268]
     
    احمد العلوي عن العمركي عن محمد بن جمهور قال: حدثنا سليمان بن سماعة عن عبدالله بن القاسم عن يحيى بن مسيرة (ميسرة ط) الخثعمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول حم عسق اعداد سني القائم وقاف جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر فخضرة السماء من ذلك الجبل وعلم كل شئ في عسق.
     
    وقال علي بن ابراهيم في قوله: (تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض) قال للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة، ولفظ الآية عامة ومعناه خاص وقوله: (وكذلك أوحينا اليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها) قال: ام القرى مكة سميت أم القرى لانها أول بقعة خلقها الله من الارض لقوله " ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا " وفي رواية ابي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (يتفطرن من فوقهن) أي يتصدعن وقوله (لتنذر أم القرى) مكة (ومن حولها) سائر الارض وقوله (وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير) قال: فانه حدثني الحسين بن عبدالله السكيني عن ابي سعيد البجلي (النحلى ط) عن عبدالملك بن هارون عن أبي عبدالله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: لما بلغ امير المؤمنين عليه السلام امر معاوية وانه في مائة الف قال من أي القوم؟ قالوا من اهل الشام، قال عليه السلام لا تقولوا من اهل الشام ولكن قولوا من اهل الشوم هم من أبناء مضر لعنوا على لسان داود فجعل الله منهم القردة والخنازير، ثم كتب عليه السلام إلى معاوية: لا تقتل الناس بيني وبينك وهلم إلى المبارزة فان أنا قتلتك فالى النار انت وتستريح الناس منك ومن ضلالتك وان قتلتني فأنا إلى الجنة ويغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك وبدعتك، وأنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة والانجيل بمؤازرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الشجرة في قوله: " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ".
     
    [269]
     
    فلما قرأ معاوية كتابه وعنده جلساؤه قالوا: والله قد أنصفك، فقال معاوية والله ما أنصفني والله لارمينه بمائة الف سيف من أهل الشام من قبل ان يصل إلي، ووالله ما أنا من رجاله، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول والله يا علي لو بارزك اهل الشرق والغرب لقتلتهم اجمعين، فقال له رجل من القوم فما يحملك يا معاوية على قتال من تعلم وتخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله بما تخبر؟ ما انت ونحن في قتاله إلا على الضلالة ! فقال معاوية: إنما هذا بلاغ من الله ورسالاته والله ما أستطيع أنا وأصحابي رد ذلك حتى يكون ما هو كائن.
     
    قال: وبلغ ذلك ملك الروم واخبر ان رجلين قد خرجا يطلبان الملك فسأل من أين خرجا؟ فقيل له رجل بالكوفة ورجل بالشام، قال: فلمن الملك الآن فأمر وزراء‌ه فقالوا تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي، فاتي برجلين من تجار الشام ورجلين من تجار مكة فسألهم عن صفتهما فوصفوهما له ثم قال لخزان بيوت خزاينه اخرجوا إلي الاصنام فاخرجوها فنظر اليها، فقال: الشامى ضال والكوفي هاد، ثم كتب إلى معاوية ان ابعث إلي اعلم اهل بيتك وكتب إلى امير المؤمنين عليه السلام ان ابعث إلي اعلم اهل بيتك، فاسمع منهما ثم انظر في الانجيل كتابنا ثم اخبركما من أحق بهذا الامر وخشي على ملكه، فبعث معاوية يزيد ابنه وبعث أمير المؤمنين الحسن ابنه عليهما السلام فلما دخل يزيد على الملك أخذ بيده وقبلها ثم قبل رأسه ثم دخل عليه الحسن بن علي عليهما السلام فقال: الحمد الله الذي لم يجعلني يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا ولا عابدا للشمس والقمر ولا الصنم ولا البقر وجعلني حنيفا مسلما ولم يجعلني من المشركين تبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، ثم جلس لا يرفع بصره، فلما نظر ملك الروم إلى الرجلين اخرجهما ثم فرق بينهما ثم بعث إلى يزيد فاحضره ثم أخرج من خزائنه ثلاثمائة وثلاثة عشر صندوقا فيها تماثيل الانبياء وقد زينت بزينة كل نبي مرسل
     
    [270]
     
    فاخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه ثم عرض عليه صنما صنما فلا يعرف منها شيئا ولا يجيب منها بشئ ثم سأله عن أرزاق الخلائق وعن أرواح المؤمنين أين تجتمع؟ وعن أرواح الكفار أين تكون إذا ماتوا؟ فلم يعرف من ذلك شيئا ثم دعا الملك الحسن بن علي عليهما السلام فقال: إنما بدأت بيزيد بن معاوية كي يعلم انك تعلم ما لا يعلم ويعلم أبوك ما لا يعلم أبوه فقد وصف لي أبوك وأبوه ونظرت في الانجيل فرأيت فيه محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله والوزير عليا عليه السلام فنظرت في الاوصياء فرأيت فيها أباك وصي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله.
     
    فقال له الحسن: سلني عما بدا لك مما تجده في الانجيل وعما في التوراة وعما في القرآن اخبرك به إن شاء الله تعالى، فدعا الملك بالاصنام فأول صنم عرض عليه في صورة القمر فقال الحسن عليه السلام: هذه صفة آدم ابوالبشر ثم عرض عليه اخرى في صفة الشمس فقال الحسن عليه السلام: هذه صفة حواء ام البشر ثم عرض عليه آخر في صورة حسنة فقال: هذه صفة شيث بن آدم وكان اول من بعث وبلغ مرة في الدنيا الف سنة واربعين عاما، ثم عرض عليه اخرى فقال: هذه صفة نوح صاحب السفينة كان عمره الفا وأربعمائة سنة ولبث في قومه الف سنة إلا خمسين عاما، ثم عرض عليه آخر فقال: هذه صفة ابراهيم عريض الصدر طويل الجبهة ثم عرض عليه صنما آخر فقال: هذه صفة موسى بن عمران وكان عمره مائتين واربعين سنة وكان بينه وبين ابراهيم خمسمائة عام(1) ثم اخرج اليه صنما آخر فقال: هذه صفة إسرائيل وهو يعقوب ثم اخرج اليه صنما آخر فقال: هذه صفة اسماعيل ثم اخرج اليه صنما آخر فقال: هذه صفة يوسف بن يعقوب بن اسحاق ابن ابراهيم ثم اخرج اليه صنما آخر فقال: هذه صفة داود صاحب المحراب (الحرب ط) ثم اخرج اليه صنما آخر فقال: هذه صفة شعيب ثم زكريا ثم يحيى ثم عيسى بن مريم روح الله وكلمته وكان عمره في الدنيا ثلاثة وثلاثين سنة ثم رفعه الله إلى
     
    ___________________________________
     
    (1) وفى ط ذكر موسى بعد يوسف وهو اقرب.ج.ز.
     
    [271]
     
    السماء ويهبط إلى الارض بدمشق وهو الذي يقتل الدجال.
     
    ثم عرض عليه صنما صنما فيخبر باسم نبي نبي ثم عرض عليه الاوصياء والوزراء فكان يخبر باسم وصي وصي ووزير وزير ثم عرض عليه أصناما بصفة الملوك فقال الحسن عليه السلام: هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان فلعلها من صفة الملوك فقال الملك: أشهد عليكم يا أهل بيت محمد انكم قد اعطيتم علم الاولين والآخرين وعلم التوراة والانجيل والزبور وصحف ابراهيم وألواح موسى عليه السلام ثم عرض عليه صنما يلوح، فلما نظر اليه بكى بكاء‌ا شديدا، فقال له الملك ما يبكيك؟ فقال: هذه صفة جدي محمد صلى الله عليه وآله كثيف اللحية عريض الصدر طويل العنق عريض الجبهة، أقنى الانف، أفلج الاسنان حسن الوجه قطط الشعر طيب الريح حسن الكلام فصيح اللسان، كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بلغ عمره ثلاثا وستين سنة ولم يخلف بعده إلا خاتما مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يتختم بيمينه وخلف سيفه ذا الفقار وقضيبه وجبة صوف وكساء صوف كان يتسرول به، لم يقطعه ولم يخطه حتى لحق بالله ! فقال الملك: إنا نجد في الانجيل انه يكون له ما يتصدق به على سبطيه فهل كان ذلك؟ فقال له الحسن عليه السلام: قد كان ذلك، فقال الملك فبقى لكم ذلك؟ فقال لا، فقال الملك اول فتنة هذه الامة غلبا اباكما - وهما الاول والثانى - على ملك نبيكم، واختيار هذه الامة على ذرية نبيهم، منكم القائم بالحق الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
     
    قال: ثم سأل الملك الحسن (ع) عن سبعة أشياء خلقها الله لم تركض في رحم، فقال الحسن (ع) اول هذه آدم ثم حواء ثم كبش ابراهيم ثم ناقة صالح ثم إبليس الملعون ثم الحية ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن، قال: ثم سأله عن أرزاق الخلائق، فقال الحسن (ع): أرزاق الخلائق في السماء الرابعة ينزل بقدر ويبسط بقدر ثم سأله عن ارواح المؤمنين اين تكون إذا ماتوا؟ قال:
     
    [272]
     
    تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة جمعة وهو عرش الله الادنى منها بسط الله الارض واليها يطويها ومنها المحشر ومنها استوى ربنا إلى السماء أي استولى على السماء والملائكة، ثم سأله عن أرواح الكفار أين تجتمع؟ قال: تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن ثم يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب ويتبعهما بريحين شديدتين فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ويزلف الميعاد وتصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الارضين السابعة وفيها الفلق والسجين فتفرق الخلائق من عند الصخرة فمن وجبت له الجنة دخلها ومن وجبت له النار دخلها وذلك قوله " فريق في الجنة وفريق في السعير " فلما اخبر الحسن (ع) بصفة ما عرض عليه من الاصنام وتفسير ما سأله التفت الملك إلى يزيد بن معاوية وقال: أشعرت ان ذلك علم لا يعلمه إلا نبي مرسل أو وصي مؤازر قد اكرمه الله بمؤازرة نبيه أو عترة نبي مصطفى وغيره فقد طبع الله على قلبه وآثر دنياه على آخرته وهواه على دينه وهو من الظالمين.
     
    قال: فسكت يزيد وخمد قال: فاحسن الملك جائزة الحسن واكره وقال له: ادع ربك حتى يرزقني دين نبيك فان حلاوة الملك قد حالت بيني وبين ذلك وأظنه سما مرديا وعذابا أليما، قال: فرجع يزيد إلى معاوية.
     
    وكتب اليه الملك انه من آتاه الله العلم بعد نبيه وحكم التوراة وما فيها والانجيل وما فيه والزبور وما فيه والفرقان وما فيه فالحق والخلافة له وكتب إلى علي (ع) ان الحق والخلافة لك وبيت النبوة فيك وفي ولدك فقاتل من قاتلك يعذبه الله بيدك فان من قاتلك نجده في الانجيل ان عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وعليه لعنة أهل السماوات والارضين.
     
    واما قوله: (ولو شاء الله لجعلهم امة واحدة) قال: ولو شاء ان يجعلهم كلهم معصومين مثل ملائكة بلا طباع لقدر عليه (ولكن يدخل من يشاء في
     
    [273]
     
    رحمته الظالمون) آل محمد حقهم (مالهم من ولي ولا نصير) وقوله: (وما اختلفتم فيه من شئ) من المذاهب واخترتم لانفسكم من الاديان فحكم ذلك كله (إلى الله) يوم القيامة وقوله (جعل لكم من أنفسكم ازواجا) يعني النساء (ومن الانعام ارواجا) يعني ذكرا وأنثى (يذرؤكم فيه) يعنى النسل الذي يكون من الذكور والاناث ثم رد الله على من وصف الله فقال: (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) وقوله: (شرع لكم في الدين) مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وآله (وما وصى به نوحا والذي أوحينا اليك - يا محمد - وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين) أي تعلموا الدين يعني التوحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والسنن والاحكام التي في الكتب والاقرار بولاية أمير المؤمنين عليه السلام (ولا تفرقوا فيه) أي لا تختلفوا فيه (كبر على المشركين ما تدعوهم اليه) من ذكر هذه الشرائع ثم قال (الله يجتبى اليه من يشاء) أي يختار (ويهدي اليه من ينيب) وهم الائمة الذين اجتباهم الله واختارهم قال (وما تفرقوا إلا من بعدما جاء‌هم العلم بغيا بينهم) قال لم يتفرقوا بجهل ولكنهم تفرقوا لما جاء‌هم العلم وعرفوه فحسد بعضهم بعضا وبغى بعضهم على بعض لما رأوا من تفاضل أمير المؤمنين عليه السلام بامر الله فتفرقوا في المذاهب وأخذوا بالآراء والاهواء ثم قال عزوجل: (ولو لا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم) قال: لو لا ان الله قد قدر ذلك ان يكون في التقدير الاول لقضي بينهم إذا اختلفوا وأهلكهم ولم ينظرهم ولكن أخرهم إلى أجل مسمى مقدر (وان الذين اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب) كناية عن الذين نقضوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: (فلذلك فادع) يعني لهذه الامور والدين الذى تقدم ذكره وموالاة امير المؤمنين عليه السلام (واستقم كما امرت).
     
    قال: فحدثني ابي عن علي بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن ابي عبدالله عليه السلام
     
    [274]
     
    في قول الله: (أن اقيموا الدين) قال الامام (ولا تتفرقوا فيه) كناية عن أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال: (كبر على المشركين ما تدعوهم اليه) من امر ولاية علي عليه السلام (الله يجتبي اليه من يشاء) كناية عن علي عليه السلام (ويهدي اليه من ينيب) ثم قال: (فلذلك فادع واستقم كما امرت) يعني إلى امير المؤمنين عليه السلام (ولا تتبع أهواء‌هم) فيه (وقل آمنت بما انزل الله من كتاب وامرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم - إلى قوله - واليه المصير) ثم قال عزوجل (الذين يحاجون في الله) أي يحتجون على الله بعدما شاء الله ان يبعث اليهم الرسل والكتب فبعث الله اليهم الرسل والكتب فغيروا وبدلوا ثم يحتجون يوم القيامة على الله (فحجتهم داحضة) أي باطلة (عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد) ثم قال (الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان) قال الميزان امير المؤمنين عليه السلام والدليل على ذلك قوله في سورة الرحمن (والسماء رفعها ووضع الميزان) قال يعني الامام، وقوله (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها) كناية عن القيامة فانهم كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وآله أقم لنا الساعة وائتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين فقال الله: (ألا ان الذين يمارون في الساعة) أي يخاصمون وقوله: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه) يعني ثواب الآخرة (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب) قال: حدثني أبي عن بكير (بكر ط) بن محمد الازدي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: المال والبنون حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لاقوام وقوله: (ولو لا كلمة الفصل لقضي بينهم) قال الكلمة الامام والدليل على ذلك قوله (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) يعني الامامة ثم قال (وان الظالمين) يعني الذين ظلموا هذه الكلمة (لهم عذاب اليم) ثم قال (ترى الظالمين) يعني الذين ظلموا آل محمد حقهم (مشفقين مما كسبوا) أي خائفين مما ارتكبوا وعملوا (وهو واقع بهم) أي ما يخافونه ثم ذكر الله الذين
     
    [275]
     
    آمنوا بالكلمة واتبعوها فقال: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات - إلى قوله - يبشر الله عباده الذين آمنوا) بهذه الكلمة (وعملوا الصالحات) مما امروا به.
     
    ثم قال: (قل لهم - يا محمد - لا أسألكم عليه أجرا) يعني على النبوة (إلا المودة في القربى) قال: حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " يعني في أهل بيته قال: جاء‌ت الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: إنا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك فانزل الله " قل لا أسألكم عليه أجرا " يعني على النبوة " إلا المودة في القربى " يعني في أهل بيته ثم قال: ألا ترى ان الرجل يكون له صديق وفي نفس ذلك الرجل شئ على أهل بيته فلا يسلم صدره فاراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله شئ على أهل بيته (امته ط) ففرض عليهم المودة في القربى فان اخذوا اخذوا مفروضا وان تركوا تركوا مفروضا، قال: فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول عرضنا عليه أموالنا فقال: قاتلوا عن اهل بيتي من بعدي، وقالت طائفة ما قال هذا رسول الله وجحدوه وقالوا كما حكى الله (أم يقولون افترى على الله كذبا) فقال الله (فان يشاء الله يختم على قلبك) قال لو افتريت (ويمحو الله الباطل) يعني يبطله (ويحق الحق بكلماته) يعنى بالنبي وبالائمة والقائم من آل محمد (انه عليم بذات الصدور) ثم قال: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده - إلى قوله - ويزيدهم من فضله) يعنى الذين قالوا القول " ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله " ثم قال (والكافرون لهم عذاب شديد) وقال ايضا: قل لا أسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى قال: اجر النبوة ان لا تؤذوهم ولا تقطعوهم ولا تغصبوهم وتصلوهم ولا تنقضوا العهد فيهم لقوله تعالى " والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل " قال: جاء‌ت الانصار إلى رسول الله
     
    [276]
     
    صلى الله عليه وآله فقالوا: إنا قد نصرنا وفعلنا فخذ من أموالنا ما شئت فانزل الله " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " يعنى في اهل بيته ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ذلك: من حبس أحيرا اجره فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا وهو محبة آل محمد ثم قال (ومن يقترف حسنة وهي إقرار الامامة لهم والاحسان اليهم وبرهم وصلتهم (نزد له فيها حسنا) أي نكافئ على ذلك بالاحسان وقوله (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض) قال الصادق عليه السلام: لو فعل لفعلوا ولكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض واستعبدهم بذلك ولو جعلهم كلهم أغنياء لبغوا في الارض (ولكن ينزل بقدر ما يشاء) مما يعلم انه يصلحهم في دينهم ودنياهم (انه بعباده خبير بصير) وقوله: (وهو الذي ينزل الغيث من بعدما قنطوا) أي يئسوا (وينشر رحمته وهو الولي الحميد) قال: حدثني أبي عن العرزمي ط (العزرمي م) عن ابيه عن ابي إسحاق عن الحارث الاعور عن امير المؤمنين عليه السلام قال: سئل عن السحاب أين يكون؟ قال: يكون على شجر كثيف على ساحل البحر يأوي اليه فاذا أراد الله ان يرسل ارسل ريحا فأثاره ووكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق وهو البرق فيرتفع.
     
    وقوله (وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير) قال فانه حدثنى ابي عن ابن ابي عمير عن منصور بن يونس عن ابي حمزة عن الاصبغ ابن نباتة عن امير المؤمنين عليه السلام قال سمعته يقول: إني احدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم ان يعيه، ثم اقبل علينا فقال: ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا إلا كان الله أحلم وأمجد وأجود من ان يعود في عقابه يوم القيامة وما ستر الله على عبد مؤمن في هذه الدنيا وعفا عنه إلا كان الله أمجد وأجود واكرم من ان يعود في عقوبته يوم القيامة، ثم قال (ع): وقد يبتلي الله المؤمن بالبلية في بدنه او ماله او ولده او اهله ثم تلا هذه الآية " وما اصابكم من مصيبة...الخ "
     
    [277]
     
    وحتى بيده ثلاث مرات، قال: فحدثنى ابي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رياب قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن قول الله عزوجل " وما اصابكم من مصيبة...الخ " قال: أرأيت ما اصاب عليا واهل بيته هو بما كسبت ايديهم؟ وهم اهل الطهارة معصومون ! قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب ان الله يخص اولياء‌ه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب، قال الصادق (ع): لما ادخل علي بن الحسين (ع) على يزيد نظر اليه ثم قال: يا علي بن الحسين وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ! فقال علي بن الحسين عليهما السلام كلا ! ما فينا هذه نزلت وإنما نزلت فينا " ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم " فنحن الذين لا نأسوا على ما فاتنا من امر الدنيا ولا نفرح بما اوتينا وقوله: (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) قال ابوجعفر (ع): من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشى الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة قال: ومن ملك نفسه إذا رغب واذا رهب وإذا غضب حرم الله جسده على النار وقوله: (والذين استجابوا لربهم) قال: في إقامة الامام (وأقاموا الصلوة وامرهم شورى بينهم) اي يقبلون ما امروا به ويشاورون الامام فيما يحتاجون اليه من امر دينهم كما قال الله "ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم".
     
    واما قوله: (والذين إذا اصابهم البغي هم ينتصرون) يعنى إذا بغي عليهم ينتصرون وهي الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار إن شاء فعل وإن شاء ترك ثم جزى ذلك فقال (وجزاء سيئة سيئة مثلها) أي لا تعتدي ولا تجازي باكثر مما فعل بك ثم قال (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) ثم قال (وترى الظالمين) آل محمد حقهم (لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل) اي إلى الدنيا
     
    [278]
     
    حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر (ع) قال سمعته يقول: (ولمن انتصر بعد ظلمه) يعنى القائم (ع) واصحابه (فاولئك ما عليهم من سبيل) والقائم إذا قام انتصر(1) من بنى امية ومن المكذبين والنصاب هو واصحابه وهو قول الله (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق اولئك لهم عذاب اليم) وقوله (ترى الظالمين) آل محمد حقهم (لما رأوا العذاب) وعلي (ع) هو العذاب في هذا الوجه(2) (يقولون هل إلى مرد من سبيل) فنوالي عليا (ع) (وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل) لعلي (ينظرون) إلى علي (من طرف خفي وقال الذين آمنوا) يعنى آل محمد وشيعتهم (ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة الا ان الظالمين) آل محمد حقهم (في عذاب مقيم) قال: والله يعنى النصاب الذين نصبوا العداوة لعلي وذريته عليهم السلام والمكذبين (وما كان لهم من اولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله (يهب لمن يشاء اناثا) اي ليس معهن ذكر (ويهب لمن يشاء الذكور) يعنى ليس معهم انثى (او يزوجهم ذكرانا واناثا) جميعا يجمع له البنين والبنات أي يهبهم جميعا لواحد.
     
    وقال علي بن ابراهيم في قوله (لله ملك السموات والارض يخلق ما يشاء - إلى قوله - ويجعل من يشاء عقيما) قال: فحدثنى ابي عن المحمودي ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن اسماعيل الرازي عن محمد بن سعيد ان يحيى بن اكثم
     
    ___________________________________
     
    (1) أي انتقم منهم.
     
    (2) أي هو وجه العذاب.ج.ز.
     
    [279]
     
    سأل موسى بن محمد عن مسائل وفيها اخبرنا عن قول الله " او يزوجهم ذكرانا واناثا " فهل يزوج الله عباده الذكران وقد عاقب قوما فعلوا ذلك فسأل موسى اخاه ابا الحسن العسكري (ع) وكان من جواب ابي الحسن اما قوله " او يزوجهم ذكرانا واناثا " فان الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين اناثا من الحور العين واناث المطيعات من الانس من ذكران المطيعين(1) ومعاذ الله ان يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلبا للرخصة لارتكاب المآثم قال: فمن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إن لم يتب وقوله (وما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء) قال: وحي مشافهة ووحي إلهام وهو الذي يقع في القلب او من وراء حجاب كما كلم الله نبيه صلى الله عليه وآله وكما كلم الله موسى (ع) من النار او يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء قال وحي مشافهة يعني إلى الناس ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان) روح القدس هي التى قال الصادق (ع) في قوله " ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي " قال: هو ملك اعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة ثم كنى عن امير المؤمنين (ع) فقال: (ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا) والدليل على ان النور أمير المؤمنين (ع) قوله عزوجل (واتبعوا النور الذي أنزل معه) الآية حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم قال: حدثنا محمد بن
     
    ___________________________________
     
    (1) كأنه جواب تنزيلي يعنى إذا فرضنا كما فرض السائل من ان صيغة " يزوجهم " بمعنى الانكاح، يمكن اخذ المراد بطريق جائز كما بينه الامام عليه السلام وإلا ظاهر الآية ان التزويج فيها بمعنى التثني بقرينة ما سبق.
     
    ج ز
     
    [280]
     
    علي عن محمد بن الفضيل عن ابي حمزة عن ابي جعفر (ع) في قول الله لنبيه صلى الله عليه وآله " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا " يعني عليا وعلي هو النور فقال (نهدي به من نشاء من عبادنا) يعني عليا عليه السلام به هدى من هدى من خلقه قال وقال الله لنبيه (وانك لتهدي إلى صراط مستقيم) يعني انك لتأمر بولاية علي وتدعو اليها وعلي هو الصراط المستقيم (صراط الله الذي له ما في السموات وما في الارض) يعني عليا انه جعله خازنه على ما في السموات وما في الارض من شئ وإئتمنه عليه (ألا إلى الله تصير الامور).
     
    وقال علي بن ابراهيم في قوله: " وانك لتهدي إلى صراط مستقيم " أي تدعو إلى الامامة المستوية ثم قال: " صراط الله " أي حجة الله الذي له ما في السماوات وما في الارض " ألا إلى الله تصير الامور " حدثني محمد بن همام قال: حدثني سعد بن محمد عن عباد بن يعقوب عن عبدالله بن الهيثم عن صلت ابن الحرة قال كنت جالسا مع زيد بن علي (ع) فقرأ وانك لتهدي إلى صراط مستقيم قال: هدي الناس ورب الكعبة إلى علي (ع) ضل عنه من ضل واهتدى من اهتدى.