Rss Feed

  1. مدنية آياتها تسع وعشرون
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحا مبينا) قال: فانه حدثني أبي عن ابن ابي عمير عن ابن سنان (سياد ط) عن ابي عبدالله (ع) قال: كان سبب نزول هذه السورة وهذا الفتح العظيم ان الله عزوجل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين، فأخبر اصحابه وامرهم بالخروج
     
    [310]
     
    فخرجوا فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا البدن وساق رسول الله صلى الله عليه وآله ستا وستين بدنة وأشعرها عند إحرامه، وأحرموا من ذي الحليفة ملبين بالعمرة قد ساق من ساق منهم الهدي مشعرات مجللات، فلما بلغ قريشا ذلك بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا ليستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان يعارضه على الجبال فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر فأذن بلال وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس، فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة لاصبناهم فانهم لا يقطعون صلاتهم ولكن تجئ لهم الآن صلاة أخرى أحب اليهم من ضياء أبصارهم فاذا دخلوا في الصلاة أغرنا عليهم، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بصلاة الخوف بقوله: " وإذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلوة " الآية، وهذه الآية في سورة النساء وقد مضى ذكر خبر صلاة الخوف فيها.
     
    فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله صلى الله عليه وآله الحديبية وهي على طرف الحرم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يستنفر بالاعراب في طريقه معه فلم يتبعه أحد ويقولون: أيطمع محمد وأصحابه ان يدخلوا الحرم وقد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم انه لا يرجع محمد وأصحابه إلى المدينة أبدا فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله الحديبية خرجت قريش يحلفون باللات والعزى لا يدعون محمدا يدخل مكة وفيهم عين تطرف، فبعث اليهم رسول الله صلى الله عليه وآله اني لم آت لحرب وإنما جئت لاقضي نسكي وأنحر بدني وأخلي بينكم وبين لحماتها، فبعثوا عروة بن مسعود الثقفي وكان عاقلا لبيبا وهو الذي انزل الله فيه " وقالوا لولا انزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " فلما أقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله عظم ذلك وقال:
     
    [311]
     
    يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الابنية وأخرجوا العود المطافيل(1) يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل مكة فان مكة حرمهم وفيها عين تطرف أفتريد ان تبيد أهلك وقومك يا محمد ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما جئت لحرب وإنما جئت لاقضي نسكي فانحر بدني وأخلي بينكم وبين لحماتها، فقال عروة: بالله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت، فرجع إلى قريش وأخبرهم فقالت قريش والله لئن دخل محمد مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترين علينا العرب.
     
    فبعثوا حفص بن الاحنف وسهيل بن عمرو فلما نظر اليهما رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ويح قريش قد نهكتهم الحرب ألا خلوا بينى وبين العرب فان أك صادقا فانما أجر الملك اليهم مع النبوة وان أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب لا يسألني اليوم امرؤ من قريش خطة ليس لله فيها سخط إلا أجبتهم اليه، قال: فوافوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا محمد ألا ترجع عنا عامك هذا إلى ان ننظر إلى ماذا يصير أمرك وأمر العرب فان العرب قد تسامعت بمسيرك فان دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب واجترأت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضي نسكك وتنصرف عنا فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك وقالوا له وترد الينا كل من جاء‌ك من رجالنا ونرد اليك كل من جاء‌نا من رجالك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من جاء‌كم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه ولكن على أن المسلمين بمكة لا يؤذون في إظهارهم الاسلام ولا يكرهون ولا ينكر عليهم شئ يفعلونه من شرائع الاسلام، فقبلوا ذلك فلما أجابهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الصلح أنكر عامة اصحابه وأشد ما كان إنكارا فلان فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ فقال: نعم، قال: فنعطى الذلة (الدنية ح) في ديننا !
     
    ___________________________________
     
    (1) عود كطود المسن.
     
    مطافيل ذوات أطفال.ج.ز.
     
    [312]
     
    قال: إن الله قد وعدني ولن يخلفني قال: لو ان معي اربعين رجلا لخالفته.
     
    ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الاحنف إلى قريش فأخبرهم بالصلح فقال عمر يا رسول الله ألم تقل لنا ان ندخل المسجد الحرام ونحلق مع المحلقين؟ فقال أمن عامنا هذا وعدتك؟ وقلت لك: إن الله عزوجل قد وعدني ان افتح مكة وأطوف وأسعى مع المحلقين، فلما اكثروا عليه صلى الله عليه وآله قال لهم: إن لم تقبلوا الصلح فحاربوهم، فمروا نحو قريش وهم مستعدون للحرب وحملوا عليهم فانهزم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله هزيمة قبيحة ومروا برسول الله صلى الله عليه وآله فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: يا علي ! خذ السيف واستقبل قريشا، فاخذ امير المؤمنين عليه السلام سيفه وحمل على قريش فلما نظروا إلى أمير المؤمنين عليه السلام تراجعوا وقالوا: يا علي بدا لمحمد فيما اعطانا فقال: لا وتراجع اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مستحيين وأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: ألستم أصحابي يوم بدر إذ أنزل الله فيكم إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين، ألستم اصحابي يوم احد إذ تصعدون ولا تلوون على احد والرسول يدعوكم في اخراكم، ألستم اصحابي يوم كذا؟ ألستم اصحابي يوم كذا فاعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وندموا على ما كان منهم وقالوا: الله أعلم ورسوله فاصنع ما بدا لك.
     
    ورجع حفص بن الاحنف وسهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقالا: يا محمد قد أجابت قريش إلى ما اشترطت عليهم من إظهار الاسلام وان لا يكره أحد على دينه فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بالكتب ودعا أمير المؤمنين عليه السلام وقال له اكتب، فكتب أمير المؤمنين عليه السلام: " بسم الله الرحمن الرحيم " فقال سهيل بن عمرو: لا نعرف الرحمن اكتب كما كان يكتب آباؤك باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اكتب باسمك اللهم
     
    [313]
     
    فانه اسم من اسماء الله، ثم كتب: " هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وآله والملا من قريش، فقال سهيل بن عمرو: لو علمنا أنك رسول الله ما حاربناك اكتب هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبدالله أتأنف من نسبك يا محمد ! فقال رسول الله أنا رسول الله وان لم تقروا، ثم قال امح يا علي ! واكتب محمد بن عبدالله، فقال أمير المؤمنين عليه السلام، ما أمحو اسمك من النبوة ابدا، فمحاه رسول الله صلى الله عليه وآله بيده، ثم كتب: " هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبدالله والملا من قريش وسهيل بن عمرو واصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين على ان يكف بعض عن بعض وعلى انه لا إسلال ولا إغلال(1) وان بيننا وبينهم غيبة مكفوفة، وانه من احب ان يدخل في عهد محمد وعقده فعل، وان من أحب ان يدخل في عهد قريش وعقدها فعل، وانه من أتى من قريش إلى اصحاب محمد بغير إذن وليه يرده اليه وانه من اتى قريشا من اصحاب محمد لم يرده اليه، وان يكون الاسلام ظاهرا بمكة لا يكره احد على دينه، ولا يؤذى ولا يعير، وأن محمدا يرجع عنهم عامه هذا واصحابه ثم يدخل علينا في العام القابل مكة فيقيم فيها ثلاثة ايام، ولا يدخل عليها بسلاح إلا سلاح المسافر السيوف في القراب " وكتب علي بن ابي طالب وشهد على الكتاب المهاجرون والانصار.
     
    ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ! انك ابيت ان تمحو اسمي من النبوة فو الذي بعثني بالحق نبيا لنجيبن ابناء‌هم إلى مثلها وانت مضيض مضطهد(2) فلما كان يوم صفين ورضوا بالحكمين كتب: هذا ما اصطلح عليه امير المؤمنين علي ابن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان، فقال عمرو بن العاص: لو علمنا انك
     
    ___________________________________
     
    (1) إسلال: سل السيف إغلال: الاسارة.
     
    (2) مض مضيضا: ألم من وجع المصيبة، مضطهد: المقهور المظلوم.ج.ز.
     
    [314]
     
    امير المؤمنين ما حاربناك ولكن اكتب: هذا ما اصطلح عليه علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان، فقال امير المؤمنين عليه السلام: صدق الله وصدق رسوله صلى الله عليه وآله أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، ثم كتب الكتاب قال: فلما كتبوا الكتاب قامت خزاعة فقالت: نحن في عهد محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وعقده، وقامت بنو بكر فقالت: نحن في عهد قريش وعقدها، وكتبوا نسختين نسخة عند رسول الله ونسخة عند سهيل بن عمرو ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الاحنف إلى قريش فأخبراهم وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: انحروا بدنكم واحلقوا رؤسكم فامتنعوا وقالوا كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة، فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك وشكا ذلك إلى أم سلمة، فقالت يا رسول الله انحر انت واحلق فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله وحلق ونحر القوم على حيث يقين وشك وارتياب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله تعظيما للبدن رحم الله المحلقين وقال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله والمقصرين؟ لان من لم يسق هديا لم يجب عليه الحلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ثانيا رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي، فقالوا يا رسول الله والمقصرين فقال رحم الله المقصرين، ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وآله نحو المدينة فرجع إلى التنعيم ونزل تحت الشجرة، فجاء أصحابه الذين انكروا عليه الصلح واعتذروا وأظهروا الندامة على ما كان منهم وسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يستغفر لهم فنزلت آية الرضوان نزل (بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر).
     
    حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن احمد عن محمد بن الحسين عن علي ابن النعمان عن علي بن أيوب عن عمر بن يزيد بياع السابري، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام قول الله في كتابه " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " قال: ما كان له من ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له.
     
    [315]
     
    وقال علي بن ابراهيم في قوله (هو الذي انزل السكينة - إلى قوله - ولله جنود السموات والارض) فهم الذين لم يخالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينكروا عليه الصلح ثم قال (ليدخل المؤمنين والمؤمنات - إلى قوله - الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء) وهم الذين أنكروا الصلح واتهموا رسول الله صلى الله عليه وآله (وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساء‌ت مصيرا ولله جنود السموات والارض وكان الله عزيزا حكيما إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) ثم عطف بالمخاطبة على أصحابه فقال (ليؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) ثم عطف على نفسه عزوجل فقال: (وتسبحوه بكرة وأصيلا) معطوفا على قوله لتؤمنوا بالله، ونزلت في بيعة الرضوان (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) واشترط عليهم ان لا ينكروا بعد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا يفعله ولا يخالفوه في شئ يأمرهم به، فقال الله عزوجل بعد نزول آية الرضوان (ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) وإنما رضي عنهم بهذا الشرط أن يفوا بعد ذلك بعهد الله وميثاقه ولا ينقضوا عهده وعقده فبهذا العهد رضي الله عنهم فقد قدموا في التأليف آية الشرط على بيعة الرضوان وإنما نزلت أولا بيعة الرضوان ثم آية الشرط عليهم فيها، ثم ذكر الاعراب الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: (سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا - إلى قوله - وكنتم قوما بورا) أي قوم سوء وهم الذين استنفرهم في الحديبية.
     
    ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة من الحديبية غزا خيبرا فاستأذنوه المخلفون من الاعراب أن يخرجوا معه، فقال الله عزوجل (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها - إلى قوله - لا يفقهون إلا قليلا) ثم قال: (قل للمخلفين من الاعراب ستدعون إلى قوم اولي بأس شديد - إلى قوله - وان تتولوا
     
    [316]
     
    كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما) ثم رخص عزوجل في الجهاد فقال (ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار) ثم قال: (ومن يتول يعذبه عذابا أليما) ثم قال: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف ايدي الناس عنكم يعني فتح خيبر (ولتكون آية للمؤمنين) ثم قال (واخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شئ قديرا) ثم قال: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد ان أظفركم عليهم) أي من بعد ان أممتم من المدينة إلى الحرم وطلبوا منكم الصلح بعد ان كانوا يغزونكم بالمدينة صاروا يطلبون الصلح بعد إذ كنتم أنتم تطلبون الصلح منهم ثم اخبر الله عزوجل نبيه بعلة الصلح وما اجاز الله لنبيه صلى الله عليه وآله فقال: (هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا ان يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) يعني بمكة (لم تعلموهم ان تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم) فأخبر الله نبيه ان علة الصلح إنما كان للمؤمنين والمؤمنات الذين كانوا بمكة ولو لم يكن صلح وكانت الحرب لقتلوا، فلما كان الصلح آمنوا واظهروا الاسلام، ويقال ان ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم ثم قال: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) يعني هؤلاء الذين كانوا بمكة من المؤمنين والمؤمنات يعني لو زالوا عنهم وخرجوا من بينهم (لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما).
     
    حدثنا احمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن عبدالله السعدي قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب عن عبدالله بن الحسين عن بعض اصحابه عن فلان الكرخي قال: قال رجل لابي عبدالله عليه السلام ألم يكن علي قويا في بدنه قويا في أمر الله؟ قال له ابوعبدالله عليه السلام: بلى ! قال له: فما منعه أن يدفع او يمتنع؟ قال: قد سألت فافهم الجواب، منع عليا من ذلك آية من كتاب الله، فقال:
     
    [317]
     
    وأي آية؟ فقرأ " لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما " انه كان لله ودايع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتى يخرج الودايع فلما خرج ظهر على من ظهر وقتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتى تخرج ودايع الله فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله، قال علي بن ابراهيم ثم قال (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية) يعني قريشا وسهيل بن عمرو حين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله لا نعرف الرحمن والرحيم وقولهم لو علمنا انك رسول الله ما حاربناك فاكتب محمد بن عبدالله (فانزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين والزمهم كلمة التقوى وكانوا حق بها واهلها وكان الله بكل شئ عليما) وأنزل في تطير (تطهير ك) الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وآله (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا) يعني فتح خيبر لان رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من الحديبية غزا خيبر وقوله (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) وهو الامام(1) الذي يظهره الله على الدين كله فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهذا مما ذكرنا ان تأويله بعد تنزيله، وأعلم الله ان صفة نبيه وأصحابه المؤمنين في التوراة والانجيل مكتوب فقال (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) يعني يقتلون الكفار وهم أشداء عليهم وفيما بينهم رحماء.
     
    ___________________________________
     
    (1) بتأويل أن فعل الامام هو فعل الرسول.ج.ز.