Rss Feed

  1. مدنية احدى عشر آية
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء‌ك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون) قال: نزلت في غزوة المريسع (المتسع ك) وهي غزوة بني المصطلق في سنة خمس من الهجرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج اليها فلما رجع منها نزل على بئر، وكان الماء قليلا فيها وكان أنس بن سيار حليف الانصار، وكان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب فاجتمعوا على البئر فتعلق دلو ابن سيار بدلو جهجاه، فقال سيار دلوي وقال جهجاه دلوي، فضرب جهجاه يده على وجه ابن سيار فسال منه الدم، فنادى سيار بالخزرج ونادى جهجاه بقريش وأخذ الناس السلام وكاد ان تقع الفتنة، فسمع عبدالله بن ابي النداء فقال: ما هذا؟ فأخبروه بالخبر فغضب غضبا شديدا ثم قال قد كنت كارها لهذا المسير اني لاذل العرب، ما ظننت انى ابقى إلى ان اسمع مثل هذا فلا يكن عندي تعيير، ثم أقبل على أصحابه فقال: هذا عملكم أنزلتموهم منازلكم وواسيتموهم بأموالكم ووقيتموهم بأنفسكم وأبرزتم نحوركم للقتل فأرمل نساء‌كم وأيتم صبيانكم ولو أخرجتموهم لكانوا عيالا على غيركم، ثم قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل وكان في قوم زيد بن ارقم وكان غلاما قد راهق وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في ظل شجرة في وقت الهاجرة وعنده قوم من أصحابه من المهاجرين والانصار فجاء زيد فأخبره بما قال عبدالله ابن أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلك وهمت يا غلام فقال: لا والله ما وهمت فقال لعلك غضبت عليه قال لا ما غضبت عليه قال فلعله سفه عليك، فقال لا والله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لشقران مولاه اخرج فأخرج (احدج فأحدج ك) راحلته
     
    [369]
     
    وركب، وتسامع الناس بذلك فقالوا ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله ليرحل في مثل هذا الوقت فرحل الناس ولحقه سعد بن عبادة فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ! فقال وعليك السلام ! فقال ما كنت لترحل في هذا الوقت؟ فقال أوما سمعت قولا قال صاحبكم، قالوا وأي صاحب لنا غيرك يا رسول الله؟ قال عبدالله بن أبي زعم انه ان رجع إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل، فقال يا رسول الله ! فأنت وأصحابك الاعز وهو وأصحابه الاذل، فسار رسول الله صلى الله عليه وآله يومه كله لا يكلمه أحد، فأقبلت الخزرج على عبدالله بن أبي يعذلونه، فحلف عبدالله انه لم يقل شيئا من ذلك، فقالوا فقم بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نعتذر اليه، فلوى عنقه.
     
    فلما جن الليل سار رسول الله صلى الله عليه وآله ليله كله والنهار فلم ينزلوا إلا للصلاة فلما كان من الغد نزل رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل أصحابه، وقد أمهدهم الارض من السهر الذي أصابهم فجاء عبدالله بن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فحلف عبدالله انه لم يقل ذلك وانه ليشهد انه لا إله إلا الله وانك لرسول الله وان زيدا قد كذب علي، فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله منه، وأقبلت الخزرج على زيد بن ارقم يشتمونه ويقولون له كذبت على عبدالله سيدنا، فلما رحل رسول الله صلى الله عليه وآله كان زيد معه يقول اللهم انك لتعلم اني لم اكذب على عبدالله بن أبي فما سار إلا قليلا حتى أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يأخذه من البرحاء(1) عند نزول الوحي عليه فثقل حتى كادت ناقته ان تبرك من ثقل الوحي، فسري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يسكب العرق عن جبهته ثم أخذ باذن زيد بن ارقم فرفعه من الرحل ثم قال: يا غلام صدق قولك ووعى قلبك وأنزل الله فيما قلت قرآنا، فلما نزل
     
    ___________________________________
     
    (1) برحاء كعلماء: الشدة.
     
    [370]
     
    جمع أصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين (بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء‌ك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله - إلى قوله - ولكن المنافقين لا يعلمون) ففضح الله عبدالله بن أبي.
     
    حدثنا محمد بن احمد بن ثابت قال: حدثنا احمد بن ميثم عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة عن ابان بن عثمان قال: سار رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وليلة ومن الغد حتى ارتفع الضحى فنزل ونزل الناس فرموا بأنفسهم نياما وإنما اراد رسول الله صلى الله عليه وآله ان يكف الناس عن الكلام: قال: وان ولد عبدالله بن أبي اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله إن كنت عزمت على قتله فمرني اكون أنا الذي أحمل اليك رأسه، فو الله لقد علمت الاوس والخزرج اني أبرهم ولدا بوالدى فاني أخاف أن تأمر غيري فيقتله فلا تطيب نفسي أن أنظر إلى قاتل عبدالله، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار.
     
    فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل يحسن الله صحابته مادام معنا وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (كأنهم خشب مسندة) يقول لا يسمعون ولا يعقلون قوله (يحسبون كل صيحة عليهم) يعني كل صوت (هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) فلما نعتهم الله لرسوله وعرفه مساء‌تهم اليهم وإلى عشائرهم فقالوا لهم قد افتضحتم ويلكم ! فأتوا نبي الله يستغفر لكم فلووا رؤسهم وزهدوا في الاستغفار يقول الله: (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم) وقال علي بن ابراهيم في قوله (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق) يعني بقوله أصدق أي احج (واكن من الصالحين) يعني عند الموت فرد الله عليهم فقال (ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) اخبرنا احمد ابن إدريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام في قول
     
    [371]
     
    الله ولن يؤخر الله نفسا إذا أجلها، قال ان عند الله كتبا مرقومة يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء فاذا كان ليلة القدر انزل الله فيها كل شئ يكون إلى ليلة مثلها فذلك قوله " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " إذا انزله وكتبه كتاب السماوات وهو الذي لا يؤخره.