Rss Feed


  1. مدنية آياتها ثمان
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم إذا زلزلت الارض زلزالها وأخرجت الارض أثقالها) قال من الناس (وقال الانسان مالها) قال ذلك امير المؤمنين عليه السلام(1) (يومئذ تحدث أخبارها - إلى قوله - أشتاتا) قال يحيون اشتاتا مؤمنين وكافرين ومنافقين (ليروا أعمالهم) قال يقفوا على ما فعلوه ثم قال (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) وهو رد على المجبرة الذين يزعمون انه لا فعل لهم، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره يقول ان كان من اهل النار وكان قد عمل في الدنيا مثقال ذرة
     
    ___________________________________
     
    (1) في الصافي عن فاطمة عليها السلام قالت: أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر ففزع الناس إلى أبي بكر وعمر فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليه السلام فتبعهما الناس إلى ان انتهوا إلى باب علي عليه الله، فخرج اليهم غير مكترث لما هم فيه فمضى واتبعه الناس حتى انتهوا إلى تلعة فقعد عليها وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة، فقال لهم علي عليه السلام: كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا او كيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط، فحرك شفتيه ثم ضرب الارض بيده الشريفة ثم قال مالك اسكني ! فسكنت باذن الله فتعجبوا من ذلك اكثر من تعجبهم الاول حيث خرج اليهم: قال لهم فانكم قد عجبتم من صنعي؟ قالوا: نعم قال: أنا الرجل الذي قال الله: إذا زلزلت الارض زلزالها وأخرجت الارض أثقالها وقال الانسان مالها، فأنا الانسان الذي يقول لها مالك؟ يومئذ تحدث أخبارها، إياي تحدث.ج.ز.
     
    [434]
     
    خيرا يره يوم القيامة حسرة انه كان عمله لغير الله، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره يقول إذا كان من أهل الجنة رأى ذلك الشر يوم القيامة ثم غفر الله تعالى له.
     

     
    مكية(1)
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا) حدثنا جعفر بن احمد عن عبدالله بن موسى قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: والعاديات ضبحا فالموريات قدحا، قال هذه السورة نزلت في أهل وادي اليابس قال قلت وما كان حالهم وقصتهم؟ قال ان اهل وادي اليابس اجتمعوا اثني عشر الف فارس وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا على ان لا يتخلف رجل عن رجل ولا يخذل احد أحدا ولا يفر رجل عن صاحبه حتى يموتوا كلهم على حلف واحد او يقتلوا محمد صلى الله عليه وآله وعلي بن ابي طالب عليه السلام، فنزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله وأخبره بقصتهم وما تعاقدوا عليه وتواثقوا وأمره ان يبعث فلانا اليهم في اربعة آلاف فارس من المهاجرين والانصار، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " يا معشر المهاجرين والانصار ان جبرئيل أخبرني ان اهل وادي اليابس اثني عشر الف فارس قد استعدوا وتعاقدوا وتعاهدوا ان لا يغدر رجل لصاحبه ولا يفر عنه ولا يخذله حتى يقتلوني وأخي علي بن أبي طالب وقد أمرني ان اسير اليهم فلانا في اربعة آلاف فارس فخذوا في أمركم واستعدوا لعدوكم وانهضوا اليهم على اسم الله وبركته يوم الاثنين إن شاء الله تعالى " فأخذ المسلون عدتهم وتهيئوا وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فلانا بأمره وكان فيما أمره به انه إذا رآهم ان يعرض عليهم السلام فان تابعوه وإلا واقعهم فيقتل مقاتليهم ويسبي ذراريهم
     
    ___________________________________
     
    (1) وعن الآلوسى انها مدنية روح المعانى ص 214.ج.ز.
     
    [435]
     
    ويستبيح اموالهم ويخرب ضياعهم وديارهم، فمضى فلان ومن معه من المهاجرين والانصار في احسن عدة واحسن هيئة يسير بهم سيرا رفيقا حتى انتهوا إلى اهل وادي اليابس، فلما بلغ القوم نزول القوم عليهم ونزل فلان واصحابه قريبا منهم، خرج اليهم من اهل وادي اليابس مائتا رجل مدججين بالسلاح، فلما صادفوهم قالوا لهم: من أنتم ومن اين أقبلتم واين تريدون؟ ليخرج الينا صاحبكم حتى نكلمه.
     
    فخرج اليهم فلان في نفر من أصحابه المسلمين فقال لهم: أنا فلان صاحب رسول الله، قالوا ما أقدمك علينا؟ قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن اعرض عليكم الاسلام فان تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون لكم مالهم وعليكم ما عليهم وإلا فالحرب بيننا وبينكم، قالوا له: أما واللات والعزى لولا رحم بيننا وقرابة قريبة لقتلناك وجميع اصحابك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم فارجع انت ومن معك واربحوا العافية فانا إنما نريد صاحبكم بعينه واخاه علي بن ابي طالب (ع).
     
    فقال فلان لاصحابه: يا قوم ! القوم اكثر منكم أضعافا وأعد منكم وقد ناء‌ت داركم عن اخوانكم من المسلمين فارجعوا نعلم رسول الله صلى الله عليه وآله بحال القوم، فقالوا له جميعا خالفت يا فلان قول رسول الله صلى الله عليه وآله وما أمرك به فاتق الله وواقع القوم ولا تخالف رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال اني اعلم مالا تعلمون الشاهد يرى مالا يرى الغائب فانصرب وانصرف الناس اجمعون، فاخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بمقالة القوم وما رد عليهم فلان فقال رسول الله: صلى الله عليه وآله يا فلان خالفت امري ولم تفعل ما امرتك وكنت لي والله عاصيا فيما امرتك فقام النبي صلى الله عليه وآله وصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: يا معشر المسلمين اني امرت فلانا ان يسير إلى اهل وادي اليابس وان يعرض عليهم السلام ويدعوهم إلى الله فان أجابوه وإلا واقعهم وانه سار اليهم وخرج اليه منهم مائتا رجل فاذا سمع كلامهم وما استقبلوه
     
    [436]
     
    به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم وترك قولي ولم يطع امري، وان جبرئيل امرني عن الله ان أبعث اليهم فلانا مكانه في اصحابه في اربعة آلاف فارس فسر يا فلانا على اسم الله ولا تعمل كما عمل اخوك فانه قد عصى الله وعصاني وأمره بما امر به الاول فخرج وخرج معه المهاجرون والانصار الذين كانوا مع الاول يقتصد بهم في سيرهم حتى شارف القوم وكان قريبا منهم بحيث يراهم ويرونه، وخرج اليهم مائتا رجل فقالوا له ولاصحابه مثل مقالتهم للاول فانصرف وانصرف الناس معه وكاد ان يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم ورجع يهرب منهم.
     
    فنزل جبرئيل (ع) فأخبر محمدا صلى الله عليه وآله بما صنع هذا وانه قد انصرف وانصرف المسلمون معه، فصعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر بما صنع هذا وما كان منه وانه قد انصرف وانصرف المسلمون معه مخالفا لامري عاصيا لقولي، فقدم عليه فأخبره مثل ما اخبره به صاحبه فقال له يا فلان عصيت الله في عرشه وعصيتني وخالفت قولي وعملت برأيك ألا قبح الله رأيك وان جبرئيل (ع) قد أمرنى ان أبعث علي بن ابى طالب في هؤلاء المسلمين واخبرنى ان الله يفتح عليه وعلى اصحابه، فدعا عليا (ع) وأوصاه بما اوصى به الاول والثانى واصحابه الاربعة آلاف فارس وأخبره ان الله سيفتح عليه وعلى اصحابه.
     
    فخرج علي (ع) ومعه المهاجرين والانصار فسار بهم سيرا غير سير فلان وفلان وذلك انه اعنف بهم في السير حتى خافوا ان ينقطعوا من التعب وتحفى(1) دوابهم فقال لهم: لا تخافوا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمرنى بأمر وأخبرنى ان الله سيفتح على وعليكم فابشروا فانكم على خير وإلى خير، فطابت نفوسهم وقلوبهم وساروا على ذلك السير والتعب حتى إذا كانوا قريبا منهم حيث يرونهم ويراهم
     
    ___________________________________
     
    (1) حفي الفرس: انقشر حافره من كثر السير.ج.ز.
     
    [437]
     
    امر اصحابه ان ينزلوا وسمع اهل وادي اليابس بقدوم علي بن ابي طالب واصحابه فخرجوا اليه منهم مائتا رجل شاكين بالسلاح، فلما رآهم علي عليه السلام خرج اليهم في نفر من اصحابه فقالوا له من انتم ومن اين انتم ومن اين أقبلتم واين تريدون؟ قال: أنا علي بن ابي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأخوه ورسوله اليكم، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ولكم ان آمنتم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم من خير وشر، فقالوا له إياك أردنا وانت طلبتنا قد سمعنا مقالتك وما عرضت علينا هذا مالا يوافقنا فخذ حذرك واستعد للحرب العوان(1) واعلم إنا قاتلوك وقاتلوا اصحابك والموعد فيما بيننا وبينك غدا ضحوة، وقد أعذرنا فيما بيننا وبينكم.
     
    فقال لهم علي عليه السلام: ويلكم ! تهددوني بكثرتكم وجمعكم ! فأنا أستعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فانصرفوا إلى مراكزهم وانصرف علي عليه السلام إلى مركزه فلما جنه الليل أمر أصحابه ان يحسنوا إلى داوبهم ويقضموا ويسرجوا(2) فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس(3) ثم أغار عليهم بأصحابه فلم يعلموا حتى وطأتهم الخيل فيما أدرك آخر اصحابه حتى قتل مقاتليهم وسبي ذراريهم واستباح اموالهم وخرب ديارهم وأقبل بالاسارى والاموال معه ونزل جبرئيل
     
    ___________________________________
     
    (1) الحرب العوان: الحرب التي قوتل فيها مرة بعد اخرى.
     
    (2) القضم: الاكل بأطراف الاسنان شيئا يابسا، والمعنى ان يقضوا ليلهم في رعاية الدواب وأكل الطعام اليابس ليكون له صوت عند الاكل لكي لا يهجم عليهم العدو غيلة.ويسرجوا اي يسرجوا السراج.
     
    (3) الغلس بالتحريك: ظلمة آخر الليل.ج.ز.
     
    [438]
     
    عليه السلام فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بما فتح الله بعلي عليه السلام وجماعة المسلمين، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر الناس بما فتح الله على المسلمين وأعلمهم انه لم يصب منهم إلا رجلين ونزل فخرج يستقبل عليا في جميع اهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على ثلاثة اميال من المدينة، فلما رآه علي (ع) مقبلا نزل عن دابته ونزل النبي صلى الله عليه وآله حتى التزمه وقبل ما بين عينيه، فنزل جماعة المسلمين إلى علي (ع) حيث نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وأقبل بالغنيمة والاسارى وما رزقهم الله به من اهل وادي اليابس، ثم قال جعفر بن محمد (ع): ما غنم المسلمون مثلها قط إلا ان يكون من خيبر فانها مثل ذلك، وأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك اليوم هذه السورة(1) (والعاديات ضبحا) يعني بالعاديات الخيل تعدو
     
    __________________________________
     
    (1) قيل نزلت السورة لما بعث النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى ذات السلاسل فأوقع بهم، وذلك بعد أن بعث عليهم مرارا غيره من الصحابة فرجع كل منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو المروي عن ابي عبدالله (ع) في حديث طويل، قال وسميت هذه الغزوة ذات السلاسل لانه أسر منهم وقتل وسبي وشد أسراهم في الحبال مكتفين كأنهم في السلاسل، ولما نزلت السورة خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الناس فصلى بهم الغداة وقرأ فيها والعاديات، فلما فرغ من صلاته قال اصحابه هذه سورة لم نعرفها، فقال رسول الله: نعم ! ان عليا ظفر بأعداء الله وبشرني بذلك جبرائيل في هذه الليلة (مجمع البيان) ويرد عليه وعلى ما ذكره القمي (ره) ان الغزوة المذكورة كانت في المدينة والسورة على ما بين مكية؟ قلنا: نقل الشيخ في التبيان عن الضحاك كون هذه السورة مدنية، ويؤيده ما مضى في الرواية السابقة من انه لما قرأها رسول الله في صلاة الغداة قال اصحابه هذه سورة م نعرفها.ج ز
     
    [439]
     
    بالرجال، والضبح صيحتها في أعنتها ولجمها " فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا " فقد اخبرتك انها اغارت عليهم صبحا قلت قوله: " فأثرن به نقعا " قال: الخيل يأثرن بالوادي نقعا " فوسطن به جمعا " قلت قوله " ان الانسان لربه لكنود " قال لكفور " وانه على ذلك لشهيد " قال يعنيهما جميعا قد شهدا جميعا وادي اليابس وكانا لحب الحياة لحريصين قلت قوله: " أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور ان ربهم بهم يومئذ لخبير " قال: نزلت الآيتان فيهما خاصة كانا يضمران ضمير السوء ويعملان به، فأخبر الله خبرهما وفعالهما فهذه قصة اهل وادي اليابس وتفسير العاديات ثم قال علي بن ابراهيم في قوله: (والعاديات ضبحا) اي عدوا عليهم في الضبح، ضباح الكلاب صوتها (فالموريات قدحا) كانت بلادهم فيها حجارة فاذا وطأتها سنابك الخيل كان تنقدح منها النار (فالمغيرات صبحا) اي صبحتهم بالغارة (فأثرن به نقعا) قال ثورة الغبرة من ركض الخيل (فوسطن به جمعا) قال توسط المشركين بجمعهم (ان الانسان لربه لكنود) اي كفور وهما اللذان امرا وأشارا على امير المؤمنين (ع) ان يدع الطريق بما حسداه وكان على (ع) اخذ بهم على غير الطريق الذي اخذا فيه فعلما انه يظفر بالقوم فقال عمرو بن العاص لفلان ن عليا غلام حدث لا علم له بالطريق وهذا طريق مسبع لا يؤمن فيه السباع، فمشيا اليه وقالا له: يا ابا الحسن هذا الطريق الذي اخذت فيه طريق مسبع فلو رجعت إلى الطريق فقال لهما امير المؤمنين (ع): الزمار حالكما وكفا عما لا يعنيكما واسمعا وأطيعا فاني أعلم بما أصنع فسكنا وقوله (وانه على ذلك لشهيد) اي على العداوة (وانه لحب الخير لشديد) يعني حب الحياة حيث خافا السباع على انفسهما فقال الله تعالى (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور) اي يجمع ويظهر (ان ربهم بهم يومئذ لخبير).