Rss Feed

  1.    
    مكية وآياتها مأة وعشر
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما) قال: هذا مقدم ومؤخر لان معناه الذي انزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا، فقد قدم حرف على حرف (لينذر بأسا شديدا من لدنه) يعني يخوف ويحذرهم عذاب الله عزوجل (ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم اجرا حسنا ماكثين فيه ابدا) يعني في الجنة (وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم) ما قالت قريش حين زعموا ان الملائكة بنات
     
    [31]
     
    الله وما قالت اليهود والنصارى في قولهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله فرد الله عليهم فقال: (ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون إلا كذبا) ثم قال: (فلعلك - يا محمد - باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله " فلعلك باخع نفسك " يقول قاتل نفسك على آثارهم واما اسفا يقول حزنا وقال علي بن ابراهيم في قوله: (إنا جعلنا ما على الارض زينة لها) يعني الشجر والنبات وكلما خلقه الله في الارض (لنبلوهم) اي نختبرهم (ايهم احسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا) يعني خرابا وفي رواية ابي الجارود في قوله تعالى صعيدا جرزا اي لا نبات فيها.
     
    وقوله: (ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) يقول قد آتيناك من الآيات ما هو اعجب منه، وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى ابن مريم ومحمد صلى الله عليه وآله، واما الرقيم فهما لوحان من نحاس مرقوم اي مكتوب فيهما أمر الفتية وأمر إسلامهم وما أراد منهم دقيانوس الملك وكيف كان أمرهم وحالهم، قال علي بن ابراهيم فحدثني ابي عن ابن عمير عن ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام قال: كان سبب نزولها يعنى سورة الكهف ان قريشا بعثوا ثلاثة نفر إلى نجران، النضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن ابي معيط والعاص بن وائل السهمي ليتعلموا من اليهود والنصارى مسائل يسألونها رسول الله صلى الله عليه وآله، فخرجوا إلى نجران إلى علماء اليهود فسألوهم فقالوا: سلوه عن ثلاث مسائل فان أجابكم فيها على ما عندنا فهو صادق ثم سلوه عن مسألة واحدة فان ادعى علمها فهو كاذب قالوا: وما هذه المسائل؟ قالوا: سلوه عن فتية كانوا في الزمن الاول فخرجوا وغابوا وناموا وكم بقوا في نومهم حتى انتبهوا؟ وكم كان عددهم؟ واي شئ كان معهم من غيرهم وما كان قصتهم؟ واسألوه عن موسى حين امره الله ان
     
    [32]
     
    يتبع العالم ويتعلم منه من هو وكيف تبعه وما كان قصته معه؟ واسألوه عن طايف طاف من مغرب الشمس ومطلعها حتى بلغ سد ياجوج وماجوج من هو وكيف كان قصته؟ ثم أملوا عليهم أخبار هذه الثلاث مسائل وقالوا لهم ان اجابكم بما قد املينا عليكم فهو صادق وان اخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه، قالوا: فما المسألة الرابعة؟ قال: سلوه متى تقوم الساعة؟ فان ادعى علمها فهو كاذب فان قيام الساعة لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى.
     
    فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى ابي طالب عليه السلام فقالوا: يا ابا طالب إن ابن اخيك يزعم ان خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل فان أجابنا عنها علمنا انه صادق وإن لم يجبنا علمنا انه كاذب، فقال ابوطالب: سلوه عما بدا لكم فسألوه عن الثلاث مسائل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: غدا اخبركم ولم يستثن(1) فاحتبس الوحي عليه اربعين يوما حتى اغتم النبي صلى الله عليه وآله وشك اصحابه الذين كانوا آمنوا به وفرحت قريش واستهزؤا وآذوا وحزن ابوطالب، فلما كان بعد اربعين يوما نزل عليه بسورة الكهف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل لقد أبطأت؟ فقال: إنا لا نقدر أن ننزل إلا باذن الله فأنزل (ام حسبت) يا محمد (ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) ثم قص قصتهم فقال: (إذ آوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا) فقال الصادق عليه السلام: إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الاصنام فمن لم يجبه قتله وكان هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عزوجل ووكل الملك بباب المدينة وكلاء ولم يدع أحدا يخرج حتى يسجد للاصنام فخرج هؤلاء بحيلة الصيد وذلك انهم مروا براع في
     
    ___________________________________
     
    (1) اي لم يقل لفظة إن شاء الله. ج.ز.
     
    [33]
     
    طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم فقال الصادق عليه السلام: فلا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاثة، حمار بلعم بن باعوراء وذئب يوسف وكلب اصحاب الكهف، فخرج اصحاب الكهف من المدينة بحيلة الصيد هربا من دين ذلك الملك، فلما أمسوا دخلوا ذلك الكهف والكلب معهم فألقى الله عليهم النعاس كما قال الله تعالى فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا، فناموا حتى أهلك الله ذلك الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا فقال بعضهم لبعض: كم نمنا ها هنا؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا: نمنا يوما او بعض يوم ثم قالوا لواحد منهم خذ هذا الورق وادخل المدينة متنكرا لا يعرفوك فاشتر لنا طعاما فانهم إن علموا بنا وعرفونا يقتلونا او يردونا في دينهم، فجاء ذلك الرجل فرأى مدينة بخلاف الذي عهدها ورأى قوما بخلاف اولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته ولم يعرف لغتهم، فقالوا له: من انت ومن اين جئت؟ فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع اصحابه والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف وأقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم: هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم وقال بعضهم: خمسة وسادسهم كلبهم وقال بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم وحجبهم الله عزوجل بحجاب من الرعب فلم يكن احد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم فانه لما دخل اليهم وجدهم خائفين ان يكون اصحاب دقيانوس شعروا بهم فأخبرهم صاحبهم انهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل وانهم آية للناس فبكوا وسألوا الله تعالى ان يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا ثم قال الملك، ينبغي ان نبني ههنا مسجدا ونزوره فان هؤلاء قوم مؤمنون، فلهم في كل سنة نقلتان ينامون ستة اشهر على جنوبهم اليمنى وستة اشهر على جنوبهم اليسرى والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف وذلك قوله: (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) أي بالفناء (وكذلك اعثرنا
     
    [34]
     
    عليهم) وهم الذين ذهبوا إلى باب الكهف قوله: (سبعة وثامنهم كلبهم) فقال الله لنبيه: (قل لهم ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) ثم انقطع خبرهم فقال: (ولا تمار فيهم إلا مراء‌ا ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا إلا ان يشاء الله) اخبره انه انما حبس الوحي عنه اربعين صباحا لانه قال لقريش غدا اخبركم بجواب مسائلكم ولم يستثن فقال الله: (ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا إلا ان يشاء الله - إلى قوله - رشدا) ثم عطف على الخبر الاول الذي حكى عنهم انهم يقولون ثلاثة رابعهم كلبهم فقال (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا) وهو حكاية عنهم ولفظه خبر والدليل على انه حكاية عنهم قوله: (قل الله اعلم بما لبثوا له غيب السموات والارض) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا) يعني جورا على الله ان قلنا ان له شريكا وقوله (لولا يأتون عليهم بسلطان بين) يعني بحجة بينة ان معه شريكا وقوله: (وتحسبهم إيقاظا وهم رقود) يقول ترى اعينهم مفتوحة وهم رقود يعني نيام (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) في كل عام مرتين لئلا تأكلهم الارض وقوله: (فلينظر ايها ازكى طعاما) يقول ايها أطيب طعاما (فليأتكم برزق منه) إلى قوله (وكذلك اعثرنا عليهم) يعني اطلعنا على الفتية (ليعلموا ان وعد الله حق) في البعث (والساعة لا ريب فيها) يعني لا شك فيها بانها كائنة وقوله (رجما) يعني ظنا (بالعيب) ما يستفتونهم وقوله (ولا تمار فيهم إلا مراء‌ا ظاهرا) يقول حسبك ما قصصنا عليك من امرهم (ولا تستفت فيهم منهم أحدا) يقول لا تسأل عن أصحاب الكهف أحدا من اهل الكتاب.
     
    وقوله: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحيوة الدنيا) فهذه نزلت في سلمان
     
    [35]
     
    الفارسي كان عليه كساء فيه يكون طعامه وهو دثاره ورداؤه وكان كساء من صوف فدخل عيينة بن حصين على النبي صلى الله عليه وآله وسلمان عنده، فتأذى عيينة بريح كساء سلمان وقد كان عرق فيه وكان يوم شديد الحر فعرق في الكساء، فقال: يا رسول الله إذا نحن دخلنا عليك فأخرج هذا واصرفه من عندك فاذا نحن خرجنا فأدخل من شئت فأنزل الله (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) وهو عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري وقال علي بن ابراهيم في قوله (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) فقال ابوعبدالله عليه السلام نزلت هذه الآية هكذا وقل الحق من ربكم يعني ولاية علي عليه السلام فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين آل محمد نارا احاط بهم سرادقها (وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل) قال المهل الذي يبقى في اصل الزيت المغلي (يشوي الوجوه بئس الشراب وساء‌ت مرتفقا) ثم ذكر ما أعد الله للمؤمنين فقال: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات - إلى قوله - وحسنت مرتفقا) وقوله (واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا) قال: نزلت في رجل كان له بستانان كبيران عظيمان كثيرا التمار كما حكى الله عزوجل وفيهما نخل وزرع وكان له جار فقير فافتخر الغني على ذلك الفقير وقال له (أنا اكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته) أي بستانه وقال (ما اظن ان تبيد هذه ابدا وما اظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لاجدن خيرا منها منقلبا) فقال له الفقير: (أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا) ثم قال الفقير للغني: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ان ترن أنا اقل منك مالا وولدا) ثم قال الفقير: (فعسى ربي ان يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا) اي محترقا
     
    [36]
     
    (او يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا) فوقع فيها ما قال الفقير في تلك الليلة وأصبح الغني (يقلب كفيه على ما انفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي احدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا) فهذه عقوبة البغي وقوله: (واضرب لهم مثل الحيوة الدنيا كماء انزلناه من السماء - إلى قوله - وخير أملا) فانه حدثنى ابي عن بكر بن محمد الازدي عن ابى عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول ايها الناس آمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر فان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يباعدا رزقا فان الامر ينزل من السماء إلى الارض كقطر المطر في كل يوم إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة او نقصان في اهل او مال او نفس وإذا اصاب احدكم مصيبة في مال او نفس ورأى عند أخيه عفوة(1) فلا يكونن له فتنة فان المرء المسلم ما لم يغش دناء‌ة تظهر ويخشع لها إذا ذكرت ويغرى بها لئام الناس كالياسر الفالج الذي ينتظر أول فوز من قداحه يوجب له بها المغنم ويدفع عنه المغرم كذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة والكذب ينتظر إحدى الحسنيين إما داعيا من الله فما عند الله خير له وإما رزقا من الله فهو ذو اهل ومال ومعه دينه وحسبه والمال والبنون وهو حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لاقوام.
     
    وقوله: (ويوم نسير الجبال وترى الارض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا) فانه سئل عن قوله: ويوم نحشر من كل امة فوجا فقال ما يقول الناس فيها؟ قلت يقولون انها في القيامة فقال ابوعبدالله عليه السلام يحشر الله في يوم القيامة من كل امة فوجا ويذر الباقين؟ انما ذلك في الرجعة فاما آية القيامة فهذه " وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا وعرضوا على ربك صفا - إلى قوله - موعدا "
     
    ___________________________________
     
    (1) عفوة الشئ صفوته مجمع.
     
    [37]
     
    فهو محكم قال (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين - إلى قوله - ولا يظلم ربك أحدا) قال يجدون كلما عملوا مكتوبا وقوله (وما كنت متخذ المضلين عضدا) اي ناصرا وقوله (وجعلنا بينهم موبقا) اي سترا وقوله (ورأى المجرمون النار فظنوا انهم مواقعوها) اي علموا فهذا ظن يقين وقوله (وما منع الناس ان يؤمنوا إذ جاء‌هم الهدى - إلى قوله - ويجادل الذين كفروا بالباطل) اي يخاصمون بالباطل (ليدحضوا به الحق) اي يدفعوه (واتخذوا آياتى - إلى قوله - لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد) فهو محكم وقوله (ولن يجدوا من دونه موئلا) اي ملجأ (وتلك القرى) اي اهل القرى (اهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) اي يوم القيامة يدخلون النار فلما اخبر رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا بخبر أصحاب الكهف قالوا اخبرنا عن العالم الذي امر الله موسى عليه السلام ان يتبعه وما قصته؟ فأنزل الله عزوجل (وإذ قال موسى لفتاه لا ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين او امضي حقبا) قال وكان سبب ذلك انه لما كلم الله موسى تكليما وانزل عليه الالواح وفيها كما قال الله تعالى: وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ رجع موسى إلى بني إسرائيل فصعد المنبر فأخبرهم ان الله قد أنزل عليه التوراة وكلمه قال في نفسه ما خلق الله خلقا اعلم مني فأوحى الله إلى جبرئيل ان ادرك موسى فقد هلك وأعلمه ان عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجلا أعلم منك فصر اليه وتعلم من علمه، فنزل جبرئيل على موسى عليه السلام وأخبره فذل موسى في نفسه وعلم انه أخطأ ودخله الرعب وقال لوصيه يوشع بن نون: إن الله قد أمرنى ان أتبع رجلا عند ملتقى البحرين وأتعلم منه، فتزود يوشع حوتا مملوحا وخرجا فلما خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه، فأخرج وصي موسى الحوت وغسله بالماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت وكان ذلك الماء ماء الحيوان فحي الحوت ودخل في الماء فمضى
     
    [38]
     
    موسى ويوشع معه حتى عشيا فقال موسى لوصيه (آتنا غداء‌نا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) اي عناء‌ا فذكر وصيه السمك فقال لموسى: إنى نسيت الحوت على الصخرة فقال موسى: ذلك الرجل الذي رأيناه عند الصخرة هو الذي نريده فرجعا على (آثارهما قصصا) اي عند الرجل وهو في صلاته فقعد موسى حتى فرغ من صلاته فسلم عليهما.
     
    فحدثني محمد بن علي بن بلال عن يونس قال: اختلف يونس وهشام بن ابراهيم في العالم الذي أتاه موسى عليه السلام أيهما كان اعلم وهل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته وهو حجة الله على خلقه فقال قاسم الصيقل: فكتبوا ذلك إلى ابى الحسن الرضا عليه السلام يسألونه عن ذلك فكتب في الجواب: اتى موسى العالم فأصابه وهو في جزيرة من جزائر البحر إما جالسا وإما متكئا فسلم عليه موسى فأنكر السلام إذ كان بأرض ليس فيها سلام قال: من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران، قال: أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال: نعم، قال: فما حاجتك؟ قال: جئت ان تعلمن مما علمت رشدا قال: إني وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت أنت بأمر لا أطيقه، ثم حدثه العالم بما يصيب آل محمد من البلاء وكيد الاعداء حتى اشتد بكماؤهما ثم حدثه العالم عن فضل آل محمد حتى جعل موسى يقول يا ليتني كنت من آل محمد، وحتى ذكر فلانا وفلانا وفلانا ومبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قومه وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه وذكر له من تأويل هذه الآية " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة " حين أخذ الميثاق عليهم فقال له موسى (هل أتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا) فقال الخضر: (انك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) فقال موسى عليه السلام: (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك امرا) قال الخضر: (فان اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا) يقول
     
    [39]
     
    لا تسألني عن شئ أفعله ولا تنكره علي حتى أنا اخبرك بخبره قال: نعم، فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا إلى ساحل البحر وقد شحنت سفينة وهي تريد ان تعبر فقال لارباب السفينة: تحملوا هؤلاء الثلاثة نفر فانهم قوم صالحون، فحملوهم فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضر إلى جوانب السفينة فكسرها وأحشاها بالخرق والطين، فغضب موسى غضبا شديدا وقال للخضر: (اخرقتها لتغرق اهلها لقد جئت شيئا أمرا) فقال له الخضر عليه السلام: (الم اقل لك انك لن تستطيع معي صبرا) قال موسى: (لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من امري عسرا) فخرجوا من السفينة فمروا فنظر الخضر إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنه قطعة قمر في اذنيه درتان، فتأمله الخضر ثم اخذه فقتله، فوثب موسى على الخضر وجلد به الارض فقال: (أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا) فقال الخضر: (الم اقل لك انك لن تستطيع معي صبرا) قال موسى: (إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا اهل قرية) بالعشي تسمى الناصرة واليها ينتسب النصارى ولم يضيفوا أحدا قط ولم يطعموا غريبا فاستطعموهم فلم يطعموهم ولم يضيفوهم فنظر الخضر عليه السلام إلى حائط قد زال لينهدم فوضع الخضر يده عليه وقال: قم باذن الله فقام فقال موسى لن ينبغ لك ان تقيم الجدار حتى يطعمونا ويأوونا وهو قوله (لو شئت لاتخذت عليه أجرا) فقال له الخضر: (هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا اما السفينة) التي فعلت بها ما فعلت فانها كانت لقوم (مساكين يعملون في البحر فأردت ان اعيبها وكان وراء‌هم) اي وراء السفينة (ملك يأخذ كل سفينة) صالحة (غصبا) كذا نزلت وإذا كانت السفينة معيوبة لم يأخذ منها شيئا (واما الغلام فكان أبواه مؤمنين) وطبع كافرا، كذا نزلت، فنظرت إلى جبينه وعليه مكتوب طبع كافرا (فخشينا ان يرهقهما طغيانا
     
    [40]
     
    وكفرا فأردنا ان يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما) فأبدل الله لوالديه بنتا وولدت سبعين نبيا، واما الجدار الذي اقمته (فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك ان يبلغا أشدهما - إلى قوله - ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا).
     
    حدثنى ابي عن محمد بن ابي عمير عن معاوية بن عمار عن ابي عبدالله عليه السلام انه قال كان ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم الله لا إله إلا الله محمد رسول الله والائمة حجج الله عجب لمن يعلم ان الموت حق كيف يفرح، عجب لمن يؤمن بالقدر كيف يفرق(1)، عجب لمن يذكر النار كيف يضحك، عجب لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن اليها، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله: وإذ قال موسى لفتاه وهو يوشع بن نون وقوله: لا ابرح يقول لا ازال حتى ابلغ مجمع البحرين او امضي حقبا قال الحقب ثمانون سنة وقوله: لقد جئت شيئا امرا هو النكر وكان موسى ينكر الظلم فأعظم ما رأى.
     
    قال على بن ابراهيم: فلما اخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بخبر موسى وفتاه والخضر قالوا فأخبرنا عن طايف طاف المشرق والمغرب من هو وما قصته؟ فأنزل الله (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الارض وآتيناه من كل شئ سببا) اي دليلا (فاتبع سببا) حدثنا جعفر بن احمد عن عبدالله بن موسى عن الحسن بن على عن (بن ك) ابي حمزة عن ابيه عن ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام قال سألته عن قول الله: (يسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا قال ان ذا القرنين بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه الايمن فأماته الله خمسمائة عام بعثه اليهم بعد ذلك فضربوه على قرنه الايسر فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه اليهم بعد ذلك فملكه مشارق الارض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلى حيث تغرب فهو قوله (حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها
     
    ___________________________________
     
    (1) فرق كفرح فزع.ق.
     
    [41]
     
    تغرب في عين حمأة - إلى قوله - عذابا نكرا) قال في النار فجعل ذو القرنين بينهم بابا من نحاس وحديد وزفت(1) وقطران(2) فحال بينهم وبين الخروج ثم قال ابوعبدالله عليه السلام: ليس منهم رجل يموت حتى يولد له من صلبه الف ولد ذكر ثم قال هم اكثر خلق خلقوا بعد الملائكة وسئل امير المؤمنين عليه السلام عن ذي القرنين نبيا كان أم ملكا؟ فقال: لا نبي ولا ملك بل انما هو عبد احب الله فأحبه ونصح لله فنصح له، فبعثه الله إلى قومهفضربوه على قرنه الايمن فغاب عنهم ما شاء الله ان يغيب ثم بعثه الثانية فضربوه على قرنه الايسر فغاب عنهم ما شاء الله ان يغيب ثم بعثه ثالثة فمكن الله له في الارض وفيكم مثله يعني نفسه (حتى اذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا) قال لم يعلموا صنعة الثياب (ثم اتبع سببا) اي دليلا (حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا - إلى قوله - آتوني زبر الحديد) فأمرهم ان يأتوه بالحديد فأتوا به فوضعه بين الصدفين يعني بنى الجبلين حتى سوى بينهما ثم امرهم ان يأتوا بالنار فأتوا بها فنفخوا فأشعلوا تحت الحديد حتى صار الحديد مثل النار ثم صب عليه القطر وهو الصفر حتى سده وهو قوله: " حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا - إلى قوله - نقبا " فقال ذو القرنين: (هذا رحمة من ربي فاذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا) قال إذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج ياجوج ومأجوج إلى الدنيا واكلوا الناس وهو قوله: " حتى إذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون "
     
    ___________________________________
     
    (1) نوع من القير.
     
    (2) بفتح القاف وكسر الطاء او سكونها او بكسر القاف وسكون الطاء: مادة يطلى بها جرب الابل فيحرقه.
     
    مجمع.
     
    [42]
     
    قال فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب فكان اذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الاسد المغضب، فينبعث في القرية ظلمات ورعد وبرق وصواعق تهلك من ناواه وخالفه، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له اهل المشرق والمغرب، فقال أمير المؤمنين عليه السلام وذلك قوله عزوجل: (إنا مكنا له في الارض وآتيناه من كل شئ سببا) اي دليلا، فقيل له ان لله في ارضه عينا يقال لها عين الحياة لا يشرب منها ذو روح إلا لم يمت حتى الصيحة، فدعا ذو القرنين الخضر وكان افضل أصحابه عنده ودعا بثلاثمائة وثلاثين (وستين ط) رجلا ودفع إلى كل واحد منهم سمكة وقال لهم اذهبوا إلى موضع كذا وكذا فان هناك ثلاثمائة وثلاثين عينا فليغسل كل واحد منكم سمكته في عين غير عين صاحبه، فذهبوا يغسلون وقعد الخضر يغسل فانسابت السمكة منه في العين وبقي الخضر متعجبا مما رأى وقال في نفسه ما اقول لذي القرنين ثم نزع ثيابه يطلب السمكة فشرب من مائها ولم يقدر على السمكة فرجعوا إلى ذي القرنين فأمر ذو القرنين بقبض السمك من أصحابه فلما انتهوا إلى الخضر لم يجدوا معه شيئا، فدعاه وقال له: ما حال السمكة؟ فأخبره الخبر فقال له: فصنعت ماذا؟ قال: اغنمست فيها فجعلت أغوص وأطلبها فلم أجدها، قال: فشربت من مائها؟ قال: نعم، قال: فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها فقال للخضر: كنت انت صاحبها.
     
    فحدثني ابى عن يوسف بن ابى حماد عن ابى عبدالله عليه السلام قال: لما اسري برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء وجد ريحا مثل ريح المسك الاذفر فسأل جبرئيل عليه السلام عنها، فأخبره انها تخرج من بيت عذب فيه قوم في الله حتى ماتوا ثم قال له: إن الخضر كان من أبناء الملوك فآمن بالله وتخلى في بيت في دار ابيه يعبد الله ولم يكن لابيه ولد غيره فأشاروا على ابيه ان يزوجه فلعل الله ان يرزقه ولدا فيكون الملك فيه وفي عقبه فخطب له امرأة بكرا وأدخلها عليه فلم يلتفت الخضر
     
    [43]
     
    اليها فلما كان في اليوم الثانى قال لها: تكتمين على أمري؟ فقالت: نعم قال لها: إن سألك ابى هل كان مني اليك ما يكون من الرجال إلى النساء فقولي نعم، فقالت افعل فسألها الملك عن ذلك فقالت نعم وأشار عليه الناس أن يأمر النساء ان يفتشنها فأمر بذلك فكانت على حالها فقالوا: ايها الملك زوجت الغر من الغرة(1) زوجه امرأة ثيبا فزوجه فلما أدخلت عليه سألها الخضر ان تكتم عليه أمره فقالت: نعم فلما ان سألها الملك قالت له ايها الملك ان ابنك امرأة فهل تلد المرأة من المرأة، فغضب عليه وأمر بردم الباب عليه فردم فلما كان اليوم الثالث حركته رقة الآباء فأمر بفتح الباب ففتح فلم يجدوه فيه وأعطاه الله من القوة انه يتصور كيف يشاء ثم كان على مقدمة ذي القرنين وشرب من الماء الذي من شرب منه بقي إلى الصيحة.
     
    قال: فخرج من مدينة ابيه رجلان في تجارة في البحر حتى وقعا في جزيرة من جزائر البحر فوجدا فيها الخضر عليه السلام قائما يصلي فلما انتقل دعاهما فسألهما عن خبرهما فأخبراه فقال لهما: هل تكتمان علي أمري ان رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما؟ فقالا: نعم، فنوى أحدهما ان يكتم امره ونوى الآخر ان يرده إلى منزله اخبر أباه بخبره فدعا الخضر سحابة وقال لها احملي هذين إلى منازلهما فحملتهما السحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما فكتم أحدهما امره وذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره فقال له الملك: من يشهد لك بذلك؟ قال: فلان التاجر فدل على صاحبه فبعث الملك اليه فلما حضر انكره وانكر معرفة صاحبه، فقال له الاول ايها الملك ابعث معي خيلا إلى هذه الجزيرة واحبس هذا حتى آتيك بابنك فبعث معه خيلا فلم يجدوه فأطلق عن الرجل الذي كتم عليه ثم ان القوم عملوا بالمعاصي
     
    ___________________________________
     
    (1) أي من لا عقل له لصغر سنه.ج.ز.
     
    [44]
     
    فأهلكهم الله وجعل مدينتهم عاليها سافلها وابتدرت الجارية التي كتمت عليه امره والرجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة فلما أصبحا التقيا فأخبر كل واحد منها صاحبه بخبره فقالا ما نجونا إلا بذلك فآمنا برب الخضر وحسن إيمانهما وتزوج بها الرجل ووقعا إلى مملكة ملك آخر وتوصلت المرأة إلى بيت الملك وكانت تزين بنت الملك فبينما هي تمشطها يوما إذ سقط من يدها المشط فقالت: لا حول ولا قوة إلا بالله فقالت لها بنت الملك: ما هذه الكلمة؟ فقالت لها ان لي إلها تجري الامور كلها بحوله وقوته فقالت لها بنت الملك ألك إله غير أبي؟ قالت: نعم وهو إلهك وإله أبيك فدخلت بنت الملك على ابيها فأخبرت أباها ما سمعت من هذه المرأة فدعاها الملك فسألها عن خبرها، فأخبرته فقال لها من على دينك؟ قالت زوجي وولدي فدعاهما الملك فأمرهما بالرجوع عن التوحيد فأبوا عن ذلك فدعا بمرجل من ماء فأسخنه وألقاهم فيه فأدخلهم بيتا وهدم عليهم البيت، فقال جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله فهذه الرائحة التي شممتها من ذلك البيت.
     
    وعنه قال: أقبل امير المؤمنين عليه السلام يوما ويده على عاتق سلمان ومعه الحسن عليه السلام حتى دخل المسجد فلما جلس جاء‌ه رجل عليه برد خز فسلم وجلس بين يدي امير المؤمنين فقال: يا امير المؤمنين أريد أن أسألك عن مسائل فان انت خرجت منها علمت ان القوم نالوا منك وانت أحق بهذا الامر من غيرك وان انت لم تخرج منها علمت انك والقوم شرع سواء(1) فقال له امير المؤمنين: سل ابني هذا يعني الحسن فأقبل الرجل بوجهه على الحسن عليه السلام فقال له: يا بني اخبرني عن الرجل إذا نام اين تكون روحه؟ وعن الرجل يسمع الشئ فيذكره دهرا ثم ينساه في وقت الحاجة اليه كيف هذا؟ وأخبرني عن الرجل يلد له الاولاد منهم
     
    ___________________________________
     
    (1) الشرع كالطفل والشرع كالفرح: المثل.ج.ز.
     
    [45]
     
    من يشبه أباه وأعمامه ومنهم من يشبه امه وأخواله فكيف هذا؟ فقال له الحسن عليه السلام: نعم اما الرجل إذا نام فان روحه تخرج مثل شعاع الشمس فتعلق بالريح والريح بالهوى فاذا أراد الله ان ترجع جذب الهوى الريح وجذب الريح الروح فرجعت إلى البدن وإذا أراد الله ان يقبضها جذب الهوى الريح وجذبت الريح الروح فيقبضها اليه واما الرجل الذي ينسى الشئ ثم يذكره فما من احد إلا على رأس فؤاده حقة مفتوحة الرأس فاذا سمع الشئ وقع فيها فاذا اراد الله ان ينسيها اطبق عليها وإذا اراد الله ان يذكره فتحها وهذا دليل الالهية، واما الرجل الذي يلد له أولاد فاذا سبق ماء الرجل ماء المرأة فان الولد يشبه أباه وعمومته وإذا سبقت ماء المرأة ماء الرجل يشبه امه وأخواله فالتفت الرجل إلى امير المؤمنين عليه السلام فقال: أشهد ان لا إله إلا الله ولم أزل اقولها وأشهد ان محمدا عبده ورسوله ولم أزل أقولها وأشهد انك وصي محمد وخليفته في امته وامير المؤمنين حقا حقا وان الحسن القائم بأمرك من بعدك وان الحسين القائم من بعده بأمره وان علي ابن الحسين القائم بأمره من بعده وان محمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ووصي الحسن ابن علي القائم بالقسط المنتظر الذي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ثم قام وخرج من باب المسجد فقال امير المؤمنين عليه السلام للحسن: هذا اخي الخضر قال: فلما اخبر رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا بخبر اصحاب الكهف وخبر الخضر وموسى وخبر ذي القرنين قالوا قد بقيت مسألة واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما هي؟ قالوا: متى تقوم الساعة فأنزل الله تعالى (يسألونك عن الساعة ايان مرسيها قل انما علمها عند ربي...الخ) فهذا كان سبب نزول سورة الكهف وهذه الآية " يسألونك عن الساعة ايان مرسيها " في سورة الاعراف وكان الواجب ان تكون في هذه السورة وقوله (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض) اي
     
    [46]
     
    يختلطون (ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا الذين كانت اعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا) قال: كانوا لا ينظرون إلى ما خلق الله من الآيات والسماوات والارض وقوله: (أفحسب الذين - إلى قوله - إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) اي منزلا وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا) قال: هم النصارى والقسيسون والرهبان واهل الشبهات والاهواء من اهل القبلة والحرورية واهل البدع وقال علي بن ابراهيم نزلت في اليهود وجرت في الخوارج (اولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت اعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) قال: اى حسنة (ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا) يعني بالآيات الاوصياء اتخذوها هزوا ثم ذكر المؤمنين بهذه الآيات فقال (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا) اي لا يحولون ولا يسألون التحويل عنها واما قوله: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا) حدثنا محمد بن (جعفر خ ل) احمد عن عبدالله (عبيدالله ط) بن موسى عن الحسن بن علي بن ابى حمزة عن ابيه عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله: " خالدين فيها لا يبغون عنها حول " قال: خالدين فيها لا يخرجون منها ولا يبغون عنها حولا قال: لا يريدون بها بدلا قلت قوله " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى الخ " قال: قد أخبرك ان كلام الله ليس له آخر ولا غاية ولا ينقطع أبدا قلت قوله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا " قال: هذه نزلت في ابى ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر جعل الله لهم جنات الفردوس نزلا اي مأوى ومنزلا، قال: ثم قال قل يا محمد (انما أنا بشر مثلكم
     
    [47]
     
    يوحى إلي انما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) فهذا الشرك شرك رياء وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير قول الله " فمن كان يرجو لقاء ربه...الخ " فقال: من صلى مرائاة الناس فهو مشرك ومن زكى مرائاة الناس فهو مشرك ومن صام مرائاة الناس فهو مشرك ومن حج مرائاة الناس فهو مشرك ومن عمل عملا مما امر الله به مرائاة الناس فهو مشرك ولا يقبل الله عمل مرائاة.
     
    حدثنا جعفر بن احمد عن عبيدالله (عبدالله ط) بن موسى عن الحسن (بن حمزة ط) بن علي بن ابي حمزة عن ابيه والحسين (الحسن ط) بن ابي العلا وعبدالله بن وضاح وشعيب العقرقوفي جميعهم عن ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله: انما أنا بشر مثلكم قال: يعني في الخلق انه مثلهم مخلوق يوحى إلي - إلى قوله - بعبادة ربه أحدا " قال: لا يتخذ مع ولاية آل محمد ولاية غيرهم وولايتهم العمل الصالح فمن أشرك بعبادة ربه فقد أشرك بولايتنا وكفر بها وجحد امير المؤمنين عليه السلام حقه وولايته قلت قوله: " الذين كانت اعينهم في غطاء عن ذكري " قال: يعني بالذكر ولاية علي عليه السلام وهو قوله ذكري، قلت قوله " لا يستطيعون سمعا " قال: كانوا لا يستطيعون إذا ذكر علي عليه السلام عندهم ان يسمعوا ذكره لشدة بغض له وعداوة منهم له ولاهل بيته قلت قوله " أفحسب الذين كفروا ان يتخذوا عبادي من دوني اولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا " قال (ع): يعنيهما واشياعهما الذين اتخذوهما من دون الله اولياء وكانوا يرون انهم بحبهم إياهما انهما ينجيانهم من عذاب الله وكانوا بحبهما كافرين، قلت قوله " إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا " اي منزلا فهي لهما ولاشياعهما عتيدة عند الله، قلت قوله: نزلا قال: مأوى ومنزلا.