Rss Feed

  1. مكية آياتها تسع وثمانون
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم حم والكتاب المبين) حم حرف من الاسم الاعظم والكتاب المبين يعني القرآن الواضح وقوله: (وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) يعني امير المؤمنين (ع) مكتوب في الحمد في قوله: اهدنا الصراط المستقيم قال أبوعبدالله (ع) هو أمير المؤمنين (ع) وقوله: (أفنضرب عنكم الذكر صفحا) استفهام أي ندعكم مهملين لا نحتج عليكم برسول الله صلى الله عليه وآله أو
     
    [281]
     
    بامام او بحجج وقوله (وكم أرسلنا من نبي في الاولين وما يأتيهم من نبي - إلى قوله - أشد منهم) يعنى من قريش (بطشا ومضى مثل الاولين) وقوله (الذي جعل لكم الارض مهدا) أي مستقرا (وجعل لكم فيها سبلا) أي طرقا (لعلكم تهتدون) يعني كي تهتدوا ثم احتج على الدهرية فقال: (والذي نزل من السماء ماء بقدر فانشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون) وقوله: (وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون) هو معطوف على قوله " والانعام خلقها لكم فيها دف‌ء ومنافع ومنها تأكلون " وقوله: (لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) قال: فانه حدثني أبي عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن سعيد بن ظريف (سعد بن طريف ط) عن الاصبغ بن نباتة قال: أمسكت لامير المؤمنين عليه السلام بالزكاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه ثم تبسم، فقلت له: يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك ثم تبسمت؟ قال: نعم يا اصبغ أمسكت لرسول الله صلى الله عليه وآله كما أمسكت لي فرفع رأسه ثم تبسم فسألته عن تبسمه كما سألتني وسأخبرك كما اخبرني امسكت لرسول الله صلى الله عليه وآله بغلته الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم فقلت: يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت لماذا؟ فقال: يا علي انه ليس من أحد يركب فيقرأ آية الكرسي ثم يقول: " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب اليه اللهم اغفر لي ذنوبي فانه لا يغفر الذنوب إلا انت " إلا قال السيد الكريم " يا ملائكتي عبدي يعلم انه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا اني قد غفرت له ذنوبه " وقوله: (وجعلوا له من عباده جزء‌ا) قال قالت قريش: إن الملائكة هم بنات الله ثم قال على حد الاستفهام (أم اتخذ مما يخلق بنات واصفاكم بالبنين وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا) يعني إذا ولدت لهم البنات (ظل وجهه مسودا وهو كظيم) وهو معطوف على قوله (وجعلوا لله البنات) (سبحانه
     
    [282]
     
    ولهم ما يشتهون) وقال ايضا في قوله " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " قال حدثني أبي عن علي بن اسباط قال: حملت متاعا إلى مكة فكسد علي فجئت إلى المدينة فدخلت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام فقلت جعلت فداك اني قد حملت متاعا إلى مكة فكسد علي وقد أردت مصر فأركب بحرا أو برا؟ فقال: بمصر الحتوف وتفيض اليها أقصر الناس اعمارا قال النبي صلى الله عليه وآله: لا تغسلوا رؤسكم بطينها ولا تشربوا في فخارها فانه يورث الذلة ويذهب بالغيرة ثم قال لا، عليك ان تأتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فتصلي فيه ركعتين وتستخير الله مائة مرة ومرة فاذا عزمت على شئ وركبت البحر أو إذا استويت على راحلتك فقل: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، فانه ما ركب أحد ظهرا فقال: هذا وسقط إلا لم يصبه كسر ولا وثى(1) ولا وهن وان ركبت بحرا فقل حين تركب: بسم الله مجريها ومرسيها، فاذا ضربت بك الامواج فاتك على يسارك وأشر إلى الموج بيدك وقل: اسكن بسكينة الله وقر بقرار الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال علي بن اسباط: قد ركبت البحر فكان إذا هاج الموج قلت كما أمرني أبوالحسن عليه السلام فيتنفس(2) الموج ولا يصيبنا منه شئ، فقلت: جعلت فداك وما السكينة؟ قال: ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان طيبة وكانت مع الانبياء وتكون مع المؤمنين.
     
    قوله (او من ينشؤا في الحلية) أي ينشؤا في الذهب (وهو في الخصام غير مبين) قال ان موسى عليه السلام أعطاه الله من القوة ان ارى فرعون صورته على فرس من ذهب رطب عليه ثياب من ذهب رطب، فقال فرعون او من ينشؤا في
     
    ___________________________________
     
    (1) وثى: كعلى الاوجاع.
     
    (2) تنفس الموج: نضح الماء ج.ز
     
    [283]
     
    الحلية أي ينشؤا بالذهب وهو في الخصام غير مبين قال: لا يبين الكلام ولا يتبين من الناس ولو كان نبيا لكان بخلاف الناس قوله (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا) معطوف على ما قالت قريش إن الملائكة بنات الله في قوله: وجعلوا له من عباده جزء‌ا فرد الله عليهم فقال: (اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون) وقوله (ان هم إلا يخرصون) أي يحتجون (يخمون ط) بلا علم وقوله (بل قالوا إنا وجدنا آباء‌نا على امة) أي على مذهب (وإنا على آثارهم مهتدون) ثم قال عزوجل (وإذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني) أي خلقني (فانه سيهدين) أي سيبين لي ويثيب ثم ذكر الائمة عليهم السلام فقال (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) يعني فانهم يرجعون أي الائمة إلى الدنيا ثم حكى الله عزوجل قول قريش (وقالوا لولا نزل هذا القرآن) يعني هلا نزل هذا القرآن (على رجل من القريتين عظيم) وهو عروة بن مسعود والقريتين مكة والطايف، وكان جزاؤكم (جزاهم ط) ما تحتمل الذباب، وكان عم المغيرة ابن شعبة فرد الله عليهم فقال: (أهم يقسمون رحمة ربك) يعني النبوة والقرآن حين قالوا لم لم ينزل على عروة بن مسعود ثم قال الله (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) يعني في المال والبنين (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون) فهذا من اعظم دلالة الله على التوحيد لانه خالف بين هيآتهم وتشابههم وإراداتهم وأهوائهم ليستعين بعضهم على بعض لان أحدا لا يقوم بنفسه لنفسه والملوك والخلفاء لا يستغنون عن الناس وبهذا قامت الدنيا والخلق المأمورون المنهيون المكلفون ولو احتاج كل إنسان ان يكون بناء‌ا لنفسه وخياطا لنفسه وحجاما لنفسه وجميع الصناعات التي يحتاج اليها لما قام العالم طرفة عين لانه لو طلب كل إنسان العلم ما قامت الدنيا ولكنه عزوجل خالف بينهم وبين هيآتهم وذلك من أعظم الدلالة على التوحيد.
     
    [284]
     
    وقوله: (ولولا ان يكون الناس أمة واحدة) أي على مذهب واحد (لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون) قال: المعارج التي يظهرون بها (ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا) قال البيت المزخرف بالذهب فقال الصادق عليه السلام: لو فعل الله ذلك لما آمن أحد ولكنه جعل في المؤمنين أغنياء وفي الكافرين فقراء وجعل في الكافرين أغنياء وفي المؤمنين فقراء ثم امتحنهم بالامر والنهي والصبر والرضى قوله: (ومن يعش عن ذكر الرحمن) أي يعمى (نقيض له شيطانا فهو له قرين) وقوله (فاما نذهبن بك فانا منهم منتقمون) قال فانه حدثني أبى عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: فاما نذهبن بك يا محمد من مكة إلى المدينة فانا رادوك اليها ومنتقمون منهم بعلي بن أبي طالب عليه السلام قوله (وسئل من ارسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) قال: فانه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبى حمزة الثمالي عن ابي الربيع قال حججت مع أبي جعفر في السنة التي حج فيها هشام بن عبدالملك وكان معه نافع بن الازرق مولى عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر عليه السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال لهشام: يا أمير المؤمنين من هذا الذي تتكافأ عليه الناس؟ فقال هذا نبي أهل الكوفة هذا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فقال نافع: لآتينه فلاسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي او وصي نبي او ابن وصى نبي، فقال هشام: فاذهب اليه فسله فلعلك أن تخجله، فجاء نافع واتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر عليه السلام فقال يا محمد بن علي اني قد قرأت التوراة والانجيل والزبور والفرقان وقد عرفت حلالها وحرامها وقد جئت أسألك مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي او وصي نبي او ابن وصي نبي، فرفع اليه ابوجعفر عليه السلام رأسه فقال سل فقال اخبرني كم بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله من سنة فقال اخبرك
     
    [285]
     
    بقولي او بقولك قال اخبرني بالقولين جميعا فقال اما بقولي فخمسمائة سنة واما بقولك فستمائة سنة قال فاخبرني عن قول الله " وسئل من ارسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " من ذا الذي سأل محمد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة ! قال فتلا ابوجعفر عليه السلام هذه الآية " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا " فكان من الآيات التي أراها الله محمدا صلى الله عليه وآله حين أسرى به إلى بيت المقدس ان حشر الله الاولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرئيل فأذن شفعا وأقام شفعا ثم قال في إقامته حي على خير العمل ثم تقدم محمد صلى الله عليه وآله وصلى بالقوم فانزل الله عليه " وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " الآية فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله على ما تشهدون وما كنتم تعبدون قالوا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وانك رسول الله صلى الله عليه وآله اخذت على ذلك مواثيقنا وعهودنا، قال نافع صدقت يا بن رسول الله يا ابا جعفر انتم والله أوصياء رسول الله وخلفاؤه في التوراة وأسماؤكم في الانجيل وفي الزبور وفي القرآن وانتم احق بالامر من غيركم.
     
    ثم حكى قول فرعون واصحابه لموسى عليه السلام فقال (وقالوا يا ايها الساحر) أي يا ايها العالم (ادع لنا ربك بما عهد عندك اننا لمهتدون) ثم قال فرعون: (أم أنا خير من هذا الذي هو مهين) يعني موسى (ولا يكاد يبين) فقال لم يبين الكلام ثم قال (فلولا ألقي عليه اسورة) أي هلا ألقي عليه اسورة (من ذهب او جاء معه الملائكة مقترنين) يعني مقارنين (فاستخف قومه) فلما دعاهم (اطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا - إلى عصونا - انتقمنا منهم) لانه لا يأسف عزوجل كأسف الناس وقوله (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) قال فانه حدثني أبي عن وكيع عن الاعمش عن سلمة بن كهيل عن ابي صادق عن ابي الاعز عن
     
    [286]
     
    سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في اصحابه إذ قال انه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم فخرج بعض من كان جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ليكون هو الداخل، فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال الرجل لبعض اصحابه أما يرضى محمد ان فضل عليا علينا حتى يشبهه بعيسى بن مريم والله لآلهتنا التي كنا نعبدها في الجاهلية افضل منه، فانزل الله في ذلك المجلس " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يضجون " فحرفوها يصدون (وقالوا ء‌آلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ان علي إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) فمحي اسمه عن هذا الموضع(1) ثم ذكر الله خطر امير المؤمنين عليه السلام وعظم شأنه عنده تعالى فقال (هذا صراط مستقيم) يعني امير المؤمنين (ع) وقوله (فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم) حدثنا جعفر بن احمد قال حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر عليه السلام قال: نزلت هاتان الآيتان هكذا، قول الله (حتى إذا جاء‌نا - يعني فلانا وفلانا - يقول أحدهما لصاحبه حين يراه يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين)(2) فقال الله لنبيه قل لفلان وفلان واتباعهما (لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم - آل محمد حقهم - انكم في العذاب مشتركون) ثم قال الله لنبيه (أفانت تسمع الصم او تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين فاما نذهبن بك فانا منهم منتقمون) يعنى من فلان ثم اوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله (فاستمسك بالذي اوحي اليك في علي انك على صراط مستقيم) يعني انك على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم، حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير عن ابي عبدالله (ع) قال قلت له قوله: (وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) فقال الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤلون
     
    ___________________________________
     
    (1) وفى المصحف: ان هو الا عبد انعمنا عليه(2) الزخرف الآية 38
     
    [287]
     
    (ولا يصدنكم الشيطان) يعنى فلانا لا يصدنك عن امير المؤمنين (انه لكم عدو مبين) قوله (الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) يعنى الاصدقاء يعادي بعضهم بعضا، وقال الصادق (ع) ألا كل خلة كانت في الدنيا في غير الله فانها تصير عداوة يوم القيامة وقال امير المؤمنين (ع): وللظالم غدا بكفه (يكفيه عضة يديه ط) عضة وللرجل وشيك وللاخلاء ندامة إلا المتقين.
     
    أخبرنا احمد بن ادريس عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن شعيب بن يعقوب عن ابي اسحاق عن الحارث عن علي (ع) قال في خليلين مؤمنين وخليلين كافرين ومؤمن غني ومؤمن فقير وكافر غني وكافر فقير، فاما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله وتباذلا عليها وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فاراه الله منزله في الجنة يشفع لصاحبه، فقال يا رب خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك ويعينني عليها وينهاني عن معصيتك فثبته على ما ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيا عند الله عزوجل فيقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل خيرا كنت تأمرني بطاعة الله وتنهاني عن معصية الله، واما الكافران فتخالا بمعصية الله وتباذلا عليها وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فاراه الله تبارك وتعالى منزله في النار فقال يا رب فلان خليلي كان يأمرني بمعصيتك وينهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تريه ما اريتني من العذاب فيلتقيان عند الله يوم القيامة يقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل شرا كنت تأمرني بمعصية الله وتنهاني عن طاعة الله قال ثم قرأ (ع) " الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " ويدعى بالمؤمن الغنى يوم القيامة إلى الحساب يقول الله تبارك وتعالى عبدي ! قال: لبيك يا رب قال ألم اجعلك سميعا وبصيرا وجعلت لك مالا كثيرا؟ قال: بلى يا رب، قال: فما أعددت للقائي؟ قال: آمنت بك وصدقت رسولك
     
    [288]
     
    وجاهدت في سبيلك، قال: فماذا فعلت فيما آتيتك؟ قال: انفقت في طاعتك، قال: ماذا اورثت في عقبك؟ قال: خلقتني وخلقتهم ورزقتني ورزقتهم وكنت قادرا على ان ترزقهم كما رزقتني فوكلت عقبي اليك، فيقول الله عزوجل صدقت اذهب فلو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا.
     
    ثم يدعى بالمؤمن الفقير فيقول يا عبدى ! فيقول لبيك يا رب فيقول ماذا فعلت فيقول يا رب هديتنى لدينك وأنعمت علي وكففت عني ما لو بسطته لخشيت ان يشغلني عما خلقتنى له، فيقول الله عزوجل صدقت عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا، ثم يدعى بالكافر الغني فيقول ما اعددت للقائي؟ فيعتل، فيقول: ماذا فعلت فيما آتيتك؟ فيقول ورثته عقبي فيقول من خلقك؟ فيقول انت فيقول من خلق عقبك؟ فيقول انت، فيقول: ألم أك قادرا على ان ارزق عقبك كما رزقتك؟ فان قال نسيت، هلك، وان قال لم أدر ما انت هلك، فيقول الله عزوجل لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيرا، قال ثم يدعى بالكافر الفقير فيقول يا بن آدم ما فعلت فيما أمرتك؟ فيقول: ابتليتني ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك وشغلتني عما خلقتني له، فيقول له فهلا دعوتني فأرزقك وسألتني فأعطيك؟ فان قال يا رب نسيت هلك، وان قال: لم أدر ما انت هلك، فيقول له: لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيرا.
     
    قال علي بن ابراهيم في قوله (الذين آمنوا بآياتنا) يعني بالائمة (وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة انتم وازواجكم تحبرون) اي تكرمون (يطاف عليهم بصحاف من ذهب واكواب) أي قصاع وأواني (وفيها ما تشتهيه الانفس - إلى قوله - منها تأكلون) فانه محكم، واخبرني ابي عن الحسن بن محبوب عن ابن يسار عن ابي عبدالله (ع) قال: إن الرجل في الجنة يبقى على مائدته ايام الدنيا ويأكل في اكلة واحدة بمقدار ما اكله في الدنيا، ثم ذكر الله ما أعده لاعداء آل محمد فقال:
     
    [289]
     
    (ان المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبسلون) اي آيسون من الخير فذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام: " واما اهل المعصية فخلدوا في النار، وأوثق منهم الاقدام، وغل منهم الايدي إلى الاعناق، وألبس اجسادهم سرابيل القطران وقطعت لهم مقطعات من النار، هم في عذاب قد اشتد حره ونار قد اطبق على أهلها، فلا يفتح عنهم أبدا، ولا يدخل عليهم ريح أبدا، ولا ينقضي منهم الغم أبدا والعذاب أبدا شديد والعقاب أبدا جديد، لا الدار زائلة فتفنى ولا آجال القوم تقضى ".
     
    ثم حكى نداء اهل النار فقال ونادوا (يا مالك ليقض علينا ربك) قال اي نموت فيقول مالك (انكم ماكثون) ثم قال الله (لقد جئناكم بالحق) يعنى بولاية امير المؤمنين عليه السلام (ولكن اكثركم للحق كارهون) والدليل على ان الحق ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قوله: " وقل الحق من ربكم - يعني ولاية علي - فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين - آل محمد حقهم - نارا " ثم ذكر على أثر هذا خبرهم وما تعاهدوا عليه في الكعبة أن لا يردوا الامر في اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال (أم ابرموا امرا فانا مبرمون - إلى قوله - لديهم يكتبون) وقوله (قل إن كان للرحمن ولد فانا اول العابدين) يعنى اول القائلين لله ان يكون له ولد وقوله (وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله) قال هو إله في السماء والارض، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن الحسين عن الحسن ابن محبوب عن علي بن رياب عن منصور عن أبي اسامة قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قوله عزوجل " وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله " فنظرت والله اليه وقد لزم الارض وهو يقول: والله عزوجل الذي هو والله ربي في السماء إله وفي الارض إله وهو الله عزوجل.
     
    وقال علي بن ابراهيم: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة) قال:
     
    [290]
     
    هم الذين قد عبدوا في الدنيا لا يملكون الشفاعة لمن عبدهم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله (يا رب ان هؤلاء قوم لا يؤمنون) فقال الله: (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون).